منتديات الانبا تكلا هيمانوت
 
jquery Ads




العودة   منتديات الانبا تكلا هيمانوت > المنتدى المسيحى > منتدى الكتاب المقدس > منتدى رجال ونساء الكتاب المقدس

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 01-22-2009, 10:46 PM
ramy غير متواجد حالياً

 

ava1 قصة حياة يهوشع الكاهن العظيم

يهوشع والصورة الخفية

كان يهوشع الكاهن العظيم من أول الراجعين من السبى مع رزبابل بن شألتئيل ، وقد اشتركا معاً فى بناء الهيكل وتدشينه ، حوالى عام 516 ق. م . ونحن لا نعلم متى وقف يهوشع ليظهر أمام الرب ، فى رؤيا زكريا النبى ، ولكنه من الواضح أن الرؤيا لم تصور المظهر الخارجى الذى كان عليه الكاهن العظيم ، بل صورت الحقيقة الداخلية على أعمق وأبعد ما تكون الصورة ، ومن المناسب أن نلاحظ أن هذه الصورة كانت ، فى واقع الأمر ، تصويراً للأمة كلها ، وعلى وجه الخصوص الذين عادوا من السبى . كان يهوشع هنا أشبه بأى ملاك من ملائكة الكنائس السبع فى سفر الرؤيا ، إذ هو الممثل الظاهر للكنيسة والنائب عنها ، والغالب فى مثل هذه الحالات ، أن يكون هناك الاندماج والتفاعل بين نائب الكنيسة وممثليها ، وبين الشعب والرعية فيها ، وفى الحقيقة أنك لا تستطيع أن تربط بين راع ورعية دون أن يحدث التلاقى والترابط وتبادل المواقع ، فتأخذ الرعية الكثير من خلال راعيها ، ويأخذ الراعى لكثير من حياة الرعية وأسلوبها ، حتى أنك لا تستطيع أن تفرق كثيراً بين الاثنين !! .. ولقد عاد يهوشع الكاهن العظيم إلى أورشليم ، عاد ليرد النظام الكهنوتى ، الذى يغلب الظن أنه شل عن العمل طوال السبعين عاماً فى السبى فى بابل ، .. وها هو يعود مرة أخرى للنشاط والخدمة فى مدينة أورشليم !! .. وقد كانت المدينة ، كما نعلم ، أكواماً من الرماد والتراب ، وكان شعبها فى أتعس الحالات والصور ، وقد انعكس هذا على كل شئ ، فامتلأ الشعب من الهوان والضعة والضعف ، والأنانية والبعد عن العبادة الصحيحة والحقة أمام اللّه ... وجاءت هذه الرؤيا ليهوشع صورة له وللشعب الذى يخدمه ، ... ومن المتصور أن يهوشع كان يلبس ثياب الكاهن الأعظم ، وهى ثياب جميلة مزركشة على النحو الموصوف كما أمر اللّه موسى أن تكون عليه فى البهاء والجمال ، ... لكن الشئ الغريب أن الرؤيا لم عطنا هذه الصورة البهية ، ... بل أعطتنا - على العكس من ذلك : " يهوشع لابساً ثياباً قذرة " ... " زك 3 : 4 " وهنا لابد لنا أن نتوقف لنرى الحقائق الصحيحة التى كثيراً ما نجهلها أو نتغابى عنها فى الحياة ، ولعل أولاها : هو أن البصر المادى شديد القصر ، مهما تصور أنه حاد النظر ، ... فنحن نبصر على مسافات قريبة ، وتغيب الرؤية بعد ذلك عن عيوننا ، ونحن فى أقصر المسافات عاجزون عن رؤية الحقيقة التى قد تتناهى فى الدقة والصغر ، فمثلا نحن لا نرى حقيقة القمر الذى يبدوا رائع الجمال أمام عيوننا ، وعندما صعد إليه رجال الفضاء ، رأوه على صورة الأرض التى نحن عليها ، من صخور ورمال أو بعبارة أخرى ، لم يروا هذا اللون الفضى الذى يتناهى إلينا من بعيد !! .. ونحن نبصر قطرة الماء صافية أمامنا دون أدنى شائبة ولكننا عندما نضعها تحت الميكرسكوب نجدها تعج بملايين الجراثيم ... فإذا كان هذا كله ثابتاً بالنسبة لأبصارنا ، فكم بالحرى تبدو الحقائق بالنسبة لبصائرنا ؟ ... وما أوسع الفرق بين البصر والبصيرة فى هذا الشأن ، أو فى لغة أخرى - بين العين المادية ، والعين الروحية ، ... عندما وقف أليآب بن يسى أمام صموئيل قال : " إن أمام الرب مسيحه . فقال الرب لصموئيل لا تنظر إلى منظره وطول قامته لأنى قد رفضته . لأنه ليس كما ينظر الإنسان . لأن الإنسان ينظر إلى العينين وأما الرب فإنه ينظر إلى القلب " " 1 صم 16 : 6 و 7 " قد يلبس الإنسان البز والأرجوان ، .. وهو ذا الذين يلبسون الثياب الناعمة هم فى قصور الملوك، ... لكن الصورة التى يلتقطها اللّه ، ليست المظهر الخارجى بل الحقيقة الداخلية ، ... وقد ظهر يهوشع الكاهن العظيم ، وظهر فيه شعب يهوذا بأكمله ، وإذا هم جميعاً فى ثياب قذرة ينبغى أن تخلع ويلقى بها وتطوح إلى أبعد ما يكون التطويح والبعد !! ... ومن الغريب أن الإنسان يفخر مرات كثيرة بثياب هى القذارة بعينها ، والعرى بأبشع صورة ، وليس هذا قصاراً على أهل العالم فحسب ، بل قد يدخل إلى الكنيسة نفسها ، يوم تخدع بالمظاهر والأشكال والطقوس والفرائض والثياب المزركشة، وتنتهى إلى ما انتهى إليه ملاك كنيسة اللاودكيين : " لأنك تقول : إنى أنا غنى وقد استغنيت ولا حاجة لى إلى شئ ولست تعلم أنك أنت الشقى والبئس وفقير وأعمى وعريـــان "" رؤ 3 : 17 " وفى الحقيقة أن للإنسان قدرة عجيبة على الخداع ، هى الويل بعينه ، وقد صورها إشعياء عندما قال : " ويل للقائلين للشر خيراً وللخير شراً ، الجاعلين الظلام نوراً والنور ظلاماً ، الجاعلين المر حلواً والحلو مراً " " إش 5 : 20 " يكتب القصصيون ما يطلقون عليه الأدب المكشوف وهو القبح الكامل ، ويأخذون كل شئ فوضى ، ويظنون أن هذه هى الحرية أو الوجودية على ما يدعون أو يصورون ، ... وهى فى لحمتها وسداها ثياب الخطية التى يلزم أن تنزع إذا راموا الاقتراب إلى اللّه أو التعبد أمامه ، .. على أن الأمر يتجاوز ذلك ، إذ أن العبادة نفسها كانت تبدو قذرة أمام الرب ، ... ومع أن الظاهر فيها قد يكون طقوساً محفوظة ، أو بخوراً عطراً ، أو فرائض منمقة ، إلا أن اللّه لا يمكن أن يقبل العبادة بعيداً عن الروح والحق ، ... وما أكثر ما يتصور الناس ، أن عبادة اللّه لابد أن تكون فى الكاتدرائيات العظيمة والمظاهر الفخمة الضخمة ، يرتدى فيها رجال الدين ثياباً جميلة ، وأردية لا يمكن أن يصلوا بدونها ، تجذب نظر الناس ، ومع ذلك فهى فى نظر اللّه ثياب قذرة لابد أن تنزع ، ... هل سمعت عن أولئك الرهبان الذين كانوا يتعبدون كل مساء ، فيقرأون الكلمة المقدسة ويرنمون ويصلون للّه ، وذات يوم وفد عليهم غريب رخيم الصوت ، ورائع المظهر ، واشترك معهم فى العبادة ، وأذا به يرنم بصوت لم يسمعوا أحلى منه وأجمل ، فسكتوا جميعاً عن الترنيم ، وتركوه يرنم هو بحلاوة لم يسمعوا نظيرها فى كل السنوات التى جمعتهم معاً فى الدير ، ... وناموا بعد ذلك وجاء اللّه إلى أحدهم ليقول له فى المنام : لماذا لم أسمع ترنيماً فى هذا المساء ، ... وصاح الراهب مندهشاً : ياسيدى إننا طوال حياتنا لم نسمع ترنيماً كما سمعنا فى هذا المساء ، ... وقال اللّه للراهب : كلا إذ أنى لم أسمع شيئاً وهذا الذى رنم ، كان يرنم بصوت بشرى، ولكنه كان بعيداً عن الشركة التى تربطنى به ، ولذا لم أسمع منه شيئاً على الإطلاق!!... قد تكون هذه قصة موضوعة ولكنها تصور الحقيقة البالغة ، أن اللّه يعنى أولا وأخيراً بداخل الإنسان قبل أن يهتم بالخارج والمظهر !! ... ومن ثم فإن السؤال القائم والموجه إلى أولئك الذين لا يمكن أن يعتبروا العبادة من غير أنماط معينة فى الكنائس أو ثياب رجال الدين : هل كانت ثياب يهوشع الكاهن العظيم الواقف أمام الرب قذرة لأنها ثياب عادية ، أم لأنها كانت ثياباً كهنوتية بذات الصورة القديمة للثياب الكهنوتية ، ومع ذلك كانت فى عينى اللّه قذرة لانهما تمثل الكهنوت فى أمة بعدت عن اللّه فى الحياة الروحية ، والعبادة الصحيحة المقبولة أمام عينيه !! ؟ ..



يهوشع والمقاومة الخفية

وقف الشيطان عن يمين يهوشع ليقاومه ، ولم ير يهوشع بعينه المادية ، ذاك الذى يقف على يمينه للمقاومة ، ومن المؤكد أن المقاومة المنظورة أسهل على الإنسان فى مواجهتها ومجابهتها ، ولكن أخطر وأشق المواقف هى المصارعة مع الشيطان غير المنظور ، ولابد لنا ، بادئ ذى بدء ، من أن نعرف أن تاريخ الجنس البشرى يتحدد وفقاً ، لا للحروب المنظورة فى حياة الناس ، بل للحروب الخفية التى يثيرها عدو الخير ، دون أن تهدأ أو تنقطع فى حياة الأفراد أو الشعوب على حد سواء ، ... والكتاب المقدس ينبه من أول صفحاته الأولى إلى قرب النهاية فى الصفحات الأخيرة من سفر الرؤيا عما تفعل هذه الحرب فى حياة الإنسان ومصيره الأبدى العتيد أن يكون، والسيد المسيح يكشف عن غرائب وعجائب هذه المقاومة ، فيرينا شخصاً مجنوناً واحداً ، وقد استقر به لجئون أو مجموعة من الشياطين ، هى أشبه ما تكون بفرقة عسكرية أو حوالى ستة الاف جندى ، وإذا كانت النفس البشرية يمكن أن تكون ميداناً أو مسرحاً لفرقة عسكرية من الشياطين ، تلعب عليها أدواراً جنونية رهيبة ، تغيب معها كافة المعالم الإنسانية التى جعلها اللّه فى الإنسان ، وتحولها مسخاً شيطانياً رهيباً ، إلى الدرجة التى يفقد فيها المجنون اسمه ، ولا يعلم إلا أنه لجئون أو فرقة من الشياطين ، وبولس يصف هذه الحقيقة بصورة أخرى ، فيصور لنا الشيطان وأجناده جيشاً رهيباً منظماً ، بأعداد لا تحصى يديرون كافة المعارك ، كما تدير الجيوش المحاربة بألوية مختلفة ، ورتب متدرجة ، من ضباط وجنود ، عندما يقول : " فإن مصارعتنا ليست مع دم ولحم بل مع الرؤساء ، مع السلاطين ، مع ولاة العالم على ظلمة هذا الدهر ، مع أجناد الشر الروحية فى السماويات " " أف 6 : 12 ". ويقطع الكثيرون من الشراح والمفسرين بأن المقصود بالرؤساء أو السلاطين أو الولاة ، هم جماعات القيادة الشيطانية برتبها المختلفة ، التى تمارس عملها المظلم الآثم فى الدهر الحاضر ، وتحت إمرتها أجناد الشر ، التى تصارع صراعها الرهيب فى المعارك الروحية فى السماويات لإسقاط الإنسان ، ومنعه من الوصول إلى المجد السماوى الأسنى ، ... والكل تحت قيادة إبليس ، ويعنى اسم إبليس المجرب أو المشتكى أو المخادع أو القاذف ، وله أيضاً اسم الشيطان ، ومعناه : المضاد أو المخاصم أو المقاوم أو الكامن ، كما أطلق عليه بعلزبول وهو فى الأصل إله عقرون ، الإله الأعظم عند الفلسطينيين ، ودعى أيضاً الشرير ، وبليعال ، ورئيس هذا العالم ، ورئيس سلطان الهواء ، وإله هذا الدهر ، وقتال الناس ، والكذاب وأبا الكذاب ، وأسداً زائراً ، والحية القديمة ، والتنين العظيم ، والذي من البدء يخطئ ، وملاك الهاوية ، ... ومقاومة الشيطان الخفية للمؤمنين دون عد أو حصر ، فهو الذى يأتى ليزرع الزوان فى وسط الحنطة ، والناس نيام ، ... وهو الذى جاء من التمشى فى الأرض والجولان فيها ، يطلب أيوب فى التجارب القاسية التى أحاطه بها ، ... وهو الذى طلب التلاميذ يوم الصليب لكى يغربلهم كالحنطة ، ... وما أكثر مكايده وأعماله اليومية التى لا يكف عنها فى كل مكان فى الأرض !! .. فهو يقاوم علاقة الإنسان باللّه ، وتعبده له ، ... ويحاول إثارة الشكوك حول وجود اللّه ، بمثل هذه الخواطر : أين هذا الإله الذي تتعبد له !! ؟ وألم تصل له مرات عديدة دون فائدة أو جدوى .. وكم طلبت ولم يسمع !! ؟ وكم انتظرت ولم يجب !! ؟ .. ولنفرض أنه يوجد هناك إله : فمن أنت بالنسبة لهذا الإله !!؟ ومن تكون !!؟ .. وإذا كانت الأرض كلها ليست إلا كوكباً صغيراً ضئيلاً ، وأنت لست إلا حشرة تدب على هذا الكوكب ، فهل تتصور أن اللّه يهتم بك أو يعنى بشخصك !!؟ .. كما أن الشيطان إلى جانب هذا كله ، يقف فى الحياة العملية خلف كل ضلال أو كذب أو حرب أو قتال أو فساد أو شر ، وما من خطيئة صغيرة أو كبيرة إلا وكان الشيطان هو الدافع إليها والمحرض عليها ، ... وإذا سقط الإنسان بختله وكذبه ، ... فإنه يجتهد أن يقفل أمامه باب الرجاء فى العودة أو التوبة ، وهو لا يستريح أو يهدأ حتى يأخذ النفس معه إلى أعماق الهاوية الأبدية المظلمة ، والجحيم الذى لم يصنع أساساً للإنسان، ولكنه صنع لإبليس وملائكته !! .. " انظر مت 25 : 41 " .



يهوشع والمعونة الخفية

على أن الصورة الرائعة العظيمة هنا ، ليست فى يهوشع أو الشيطان ، بل فى وجود اللّه هناك ، اللّه الذى ينتهر الشيطان ، والانتهار هو أقوى مظهر من مظاهر الزجر ، إذ أن الشيطان لا يمكن أن يترك وحده على المسرح ليلعب كما يشاء أو كيفما يريد ، .. ولعل هذه ترينا نشاط الرب تجاه المؤمن والكنيسة ، وإذا كانت هناك معركة خفية فهى فى حقيقتها بين الرب والشيطان ، أكثر منها بين المؤمن والشيطان ، وسفر الرؤيا فى حد ذاته ليس صراعاً بين الكنيسة والشيطان ، بقدر ما هو صراع بين المسيح والشيطان! .. والشيطان لا يستطيع أن يصل إلى قلامة ظفر واحد من المؤمنين بدون إرادة الرب وسماحه .. ومن ثم رأينا الشيطان يبدأ جهده مع أيوب ، بعد أن سمح له الرب أولا بالتجارب التى أحاطت بالقديس القديم ، ... كما أنه كان أعجز من أن يصل إلى تلاميذ المسيح ، قبل أن يطلبهم لكى يغربلهم كالحنطة ، وإذا كان بطرس ، حتى ذلك الحين ، فى غفلة عن التجارب التى ستقع عليه وعلى إخوته ، .. فإن نشاط المسيح وحده فى الصلاة هو الذي انقذه وأنقذهم " طلبت من أجلك لكى لا يفنى إيمانك ، وأنت متى رجعت فثبت إخوتك " " لو 22 : 32 " ولعلنا نستطيع أن نرى عمق العناية ومداها ، إذا تأملنا داود وهو يغنى فى المزمور المائة والتاسع والثلاثين عن العناية التى تتمشى معنا فى جلوسنا وقيامنا ، والتى تتناول أفكارنا ومسلكنا ومربضنا وكل طرقنا، العناية التى تراقب كل كلمة فى لساننا : " أين أذهب من روحك ومن وجهك أين أهرب، إن صعدت إلى السموات فأنت هناك . وإن فرشت فى الهاوية فها أنت إن أخذت جناحى الصبح وسكنت فى أقاصى البحر فهناك أيضاً تهدينى يدك وتمسكنى يمينك . فقلت إن الظلمة تغشانى . فا لليل يضئ حولى . الظلمة أيضاً لا تظلم لديك والليل مثل النهار يضى كالظلمة وهكذا النور " ..." مز 139 : 7 - 12 " .

كان يهوشع الكاهن العظيم شعلة منتشلة من النار ، وهو بذلك صورة لأولئك الذين تختطفهم يد العناية الإلهية من النار ، ... وكل واحد منا قد أوصلته الخطية إلى النار ، حتى جاء الرب يسوع المسيح لكى يطلب ويخلص ما قد هلك ، ... وليست نار الخطية وحدها هى الوقود الذي يحرق الأشرار ، وقد أنقذنا المسيح منها ، بل نار التجارب أيضاً ، إذ لا يمكن لمؤمن أن يعبر الحياة الحاضرة بما فيها من ضيقات وآلام وتجارب، دون سند اللّه اليومى لنا فى الحياة ، ولعلنا بهذا يمكن أن نعى كلمات يهوذا فى رسالته : " وأما أنتم أيها الأحباء فابنوا أنفسكم على إيمانكم الأقدس مصلين فى الروح القدس ، واحفظوا أنفسكم فى محبة اللّه منتظرين رحمة ربنا يسوع المسيح للحياة الأبدية . وارحموا البعض مميزين . وخلصوا البعض بالخوف مختطفين من النار مبغضين حتى الثوب المدنس من الجسد " " يهوذا 20 - 22 " .



يهوشع والبركة الخفية

وما أكثر البركات التى تمتع بها يهوشع ! ، .. ولعل أظهر هذه البركات بركة الأعجوبة ، إذ أنه ومن معه سيكونون رجال آية ، عندما نرى فقيراً معدماً تحول إلى مليونير ، نقول هذه أعجوبة ، وعندما نرى مجهولا نكرة يصبح رئيساً نقول : هذه أعجوبة ، ومثل هذه الآيات والأعاجيب يصنعها اللّه مع المؤمنين ، ... كان يهوشع فى السبى إنساناً معدماً نكرة مجهولا مسبياً ، فأخرجه اللّه إلى الحياة والحرية والقيادة والعظمة ، يقود الجميع فى الحياة الدينية ، ويحافظ على بيت اللّه ، ويشق الطريق فى وسط الصعاب ، ناجحاً أصدق ما يكون النجاح ، عظيماً كأقصى ما تكون العظمة ، ... هو أشبه الكل بيوسف الذى انتقل بأعجوبة من السجن إلى القصر فى يوم واحد ، ... وهو كموسى الذى تحولت عصا الأغنام فى يده إلى عصا اللّه الخالدة العظيمة ، وهو دانيال الذي شق طريقه فى السبى ، ليكون من أعظم الناس بين المسبيين وغير المسبيين !! ... وفى الحقيقة أن المؤمن لا يصنع الأعاجيب فحسب بل يتحول هو إلى أعجوبة اللّه فى الأرض " .

وألم يأخذ الرجل الأعجوبة بركة التطهير ، بركة المستنقع يصبح نبعاً صافياً ، بركة الفحم يتحول ماساً ، بركة الثياب القذرة تستبدل بالثياب المزخرفة والعمامة الطاهرة،... وإذا كان الخيال اليونانى قد داعبته الأساطير ، بما تزعم من أن هرقل البطل الأسطورى ، وقد كلفه الملك أن يطهر حظائر أجياس ، التى تراكمت فيها الأوساخ ستة وعشرين عاماً ، فسلط عليها نهرين غسلاها فى يوم واحد ، ... فإن المسيح فى حياة المؤمنين ، فعل أكثر ، وفى الواقع ما هو فوق الخيالات والأساطير ، ... فطهر الزانى والسارق والقبيح والأحمق والشرير ، وصنع منهم أجمل آيات الحياة البشرية ، والنماذج الرائعة لبنى الإنسان ممن عرفنا من القديسين وأبطال اللّه فى كل جيل ، ومكان ، وهو ما يزال إلى اليوم يبدل ثيابنا القذرة ، بأجمل وأبهى صور البهاء والجمال ، إذ كسانا المسيح برداء الخلاص !! ... وهو يفعل كل هذه بالقدرة المذهلة : " وأزيل أثم تلك الأرض فى يوم واحد " زك 3 : 9 " .. ولعل ما حدث فى يوم الخمسين خير شاهد على ذلك ، إذ ولد فى يوم واحد ثلاثة الاف نفس نالت بركة الخلاص والحياة الأبدية !! ..

ثم بركة النجاح : " وأعطيك مسالك بين هؤلاء الواقفين " " زك 3 : 7 " والنجاح الصحيح يرتكز على قاعدتى المعرفة والسلوك ، أو الإدراك والتصرف ولم يحرم اللّه يهوشع الكاهن العظيم من الاثنين ، وقد كشفهما له ، وحدد سيره بمقتضاهما : " إن سلكت فى طرقى وإن حفظت شعائرى " ... وفى الوقت عينه أكد له اللّه البعيد والعميق برسالته وخدمته ، وقد تركزت خدمة هوشع ، فى الحجر الموضوع أمامه ، ... وهو ليس حجر الزاوية فى بيت اللّه ، فهذا قد وضع منذ فترة طويلة ، بل هو الحجر المقطوع بغير يدين ، والذي هو رمز لمملكة اللّه فى الأرض ، أو كنيسة التى تنال أعظم اهتمام بسلامتها ومجدها حتى تملأ الأرض كلها ، ... كانت الأعين السبع متطلعة إلى هذا الحجر ، أو فى لغة أخرى ، إن عناية اللّه الكاملة ، المرموز إليها بسبع أعين اللّه ، أو سبعة أرواح اللّه ، أو الكمال فى رعاية اللّه والاهتمام بكنيسته ، مثبته على الحجر الذى سيتحول جبلاً لن يتزعزع ، أو يتراجع عن السيطرة على كل الأرض ، .. وكان على يهوشع أن يتشجع فى عصره بالخدمة التى يقوم بها كجزء من العمل الإلهى، وأنها تحظى بالاهتمام البالغ ، والعين الإلهية الساهرة للتقوية والتأييد والمعونة !! ... وكم نحتاج كخدام إلى إدراك هذه الحقيقة المشجعة والمقوية ، إننا لسنا منفردين فى مواجهة المتاعب والمشاكل والصعاب ، ... بل إن اللّه معنا ، وإنه سر كل نجاح نصل إليه فى الحياة أو الخدمة على حد سواء !! .

وآخر الكل بركة الراحة ، ... ولعل يهوشع كان من أكثر الناس حاجة إلى هذه البركة ، لقد عاد من السبى مع الكثيرين ، وعندما لاحت لهم البلاد التى أحبوها ، وعلقوا فى بابل أعوادهم على الصفصاف وهم يذكرونها بالدموع ، ... وكانت البلاد ممتلئة بالخراب والضياع ، كانوا فى حاجة إلى الراحة الجسدية والنفسية معاً ، وقد وعدهم اللّه بها فى القول : " فى ذلك اليوم يقول رب الجنود ينادى كل إنسان قريبك تحت الكرمة ، وتحت التينة " ... " زك 3 : 10 " ولم يكن يهوشع فى هذا كله إلا صورة أو رمزاً لحلم جميع أبناء اللّه فى كل العصور والأجيال ، تجاه بابل الرهيبة التى تنبأ عنها إشعياء فى قوله : " لأن الرب سيرحم يعقوب ويختار أيضاً إسرائيل ويريحهم فى أرضهم فتقترن بهم الغرباء وينضمون إلى بيت يعقوب ويأخذهم شعوب ويأتون بهم إلى موضعهم ، ويمتلكهم بيت إسرائيل فى أرض الرب عبيداً وإماء ، ويسبون الذين سبوهم ويتسلطون على ظالميهم - ويكون فى يوم يريحك الرب من تعبك ومن انزعاجك ومن العبودية القاسية التى استعبدت بها ، أنك تنطق بهذا الهجو على ملك بابل وتقول : كيف باد الظالم بادت المتغطرسة قد كسر الرب عصا الأشرار قضيب المتسلطين " " إش 14 : 1 - 5 " . أو ما قاله الرائى فى رؤياه العظيمة : " وسيبكى وينوح عليها ملوك الأرض الذين زنوا وتنعموا معها حينما ينظرون دخان حريقها واقفين من بعيد لأجل خوف عذابها قائلين ويل ويل . المدينة العظيمة بابل المدينة القوية. لأنه فى ساعة واحدة جاءت دينونتك " " رؤ 18 : 9 و 10 " .

أجل ، لقد رأى يهوشع المقاومة العنيدة ، لكنه رأى هذه المقاومة تسقط فى نفسه ، وفى بابل الشريرة ، تجاه ذاك الذى كان سر المعونة ، والبركة ، اللتين أجزلهما له بكل فيض وغزارة ، ككاهن اللّه العظيم ، الذى عاد من السبى إلى مدينة أورشليم !! ..
التوقيع:


رد مع اقتباس
قديم 01-23-2009, 02:10 AM   رقم المشاركة : [2]
امين الخدمة

 
افتراضي

مجهود رائع منك يا أخى رامى المسيح يبارك فى خدمتك


التوقيع:
[flash=http://up.ava-takla.com/uploads/files/ava-takla-588017e24e.swf]WIDTH=469 HEIGHT=600[/flash]





المصرى الأصيل غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-16-2010, 01:29 PM   رقم المشاركة : [3]
مراقب و مشرفة قسم التأملات
الصورة الرمزية sasso
 
افتراضي

شكرا بجد مجهود جميل ربنا يعوضك


التوقيع:

[flash=http://up.ava-takla.com/uploads/files/ava-takla-b558c66a96.swf]WIDTH=400 HEIGHT=350[/flash]
sasso غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
قصة حياة ايوب البار مسموعة the black eagle منتدى سير القدسين المسموعة 5 06-03-2010 03:12 AM
قصة حياة القديسة تكلا المصرى الأصيل منتدى سير القديسين 4 03-26-2010 11:23 PM
قصة حياة القديسة مهرائيل مسعد خليل منتدى سير القدسين المسموعة 8 06-09-2009 01:53 PM
قصة حياة شمشون ramy منتدى رجال ونساء الكتاب المقدس 3 01-21-2009 08:23 PM
قصة حياة البطل الرومانى ramy منتدى سير القديسين 1 12-01-2008 12:28 AM


الساعة الآن 03:13 AM


† هدف خدمتنا: "‎ذوقوا وانظروا ما أطيب الرب‎" مزمور 34 : 8 †
† مبدأ خدمتنا: "ملعون من يعمل عمل الرب برخاء‎" ارميا 48 : 10 †
† شعار خدمتنا: "ليس لنا يا رب ليس لنا لكن لاسمك أعط مجدا‎" مزمور 115 : 1 †