منتديات الانبا تكلا هيمانوت
 
jquery Ads




العودة   منتديات الانبا تكلا هيمانوت > المنتدى المسيحى > منتدى الكتاب المقدس > منتدى رجال ونساء الكتاب المقدس

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 02-27-2010, 03:57 PM   رقم المشاركة : [51]
مراقب عام و مشرفة منتدى الشباب والشبات
الصورة الرمزية jesus's girl
 
avatakla بلعام بن بعور

بلعام بن بعور

"لتمت نفسي موت الأبرار ولتكن آخرتي كآخرتهم"

(عدد 23: 10)

بلعام وامتيازه
لا شبهة في أن بلعام كان من أعظم الشخصيات المعروفة في عصرها،.. وكان يتسم بصفات متعددة واضحة إذ هو:

الرجل ذو العقل الجبار

كان من فتور ما بين النهرين، والبلدة كانت مشهورة بالحكمة، ومليئة بالحكماء، وكان بلعام بن بعور مقصد الكثيرين الذين يأتونه من كل البلاد، يبحثون عن الحلول لمشاكلهم، وما يواجهون من متاعب وصعاب،.. وقد حلت مشكلة أمام بالاق، وهو يفتش هنا وهناك عن ناصح وحكيم، يستطيع أن يعطيه حلاً لها، فلا يجد إلا الرجل القابع ما بين النهرين، اللماع التفكير الجبار الذهن، المقتدر الفهم، وهو لا يكاد يجد في الأرض كلها شبيهاً له، ونظيراً،.. وهو واحد من المجوس حكماء المشرق القدامى، والذي ظهر قبل أن يأتي المجوس إلى السيد بعد ذلك بخمسة عشر قرناً من الزمان.
على أن المعرفة الأكبر عند الرجل كانت معرفة الله، وقد كان من أعظم العارفين بالله
الرجل ذو اللسان الساحر

لم يكن بلعام جبار العقل فحسب، بل كان ساحر اللسان أيضاً،.. من الناس من يكونون على أعظم قدرة ومعرفة ذهنية، لكنهم لا يملكون اللسان الزرب البارع المنطق،.. ولكن بلعام كان يملك ناصية الاثنين

الرجل الممتليء الأشواق

لم يكن بلعام ذهناً يفكر، أو لساناً زربا يتكلم، بل كان هناك شيء أكثر عند الرجل وفيه، إذ كانت له أشواق ملتهبة قوية، تزداد عنفاً وقوة ولمعاناً في وقت الصفاء، وساعات التأمل والهدوء،.. وأمام المذابح التي أقامها، والذبائح التي قدمها، التهب الرجل التهاباً، وهو يرى المخلص الآتي من بعيد: "أراه ولكن ليس الآن أبصره، ولكن ليس قريباً يبرز كوكب من يعقوب، ويقوم قضيب من إسرائيل فيحطم طرفي موآب ويهلك كل بني الوغى".. وهو إذ يرى عالماً أفضل، ومجداً أروع وأعظم يهتف: "لتمت نفسي موت الأبرار ولتكن آخرتي كآخرتهم!!.. ومن المؤكد أن الشعب الذي رآه، والصور التي أثارها هذا الشعب أمام عينيه وفي خياله، هي التي رفعته إلى هذا المستوى الرفيع الممتليء من الأشواق السماوية!!..




الرجل المستخدم من الله

وبلعام بن بعور عنده الرغبة قبل وبعد هذه كلها أن يكون: "الرجل المفتوح العينين.. الذي يسمع أقوال الله ويعرف معرفة القدير، الذي يرى رؤيا القدير ساقطاً وهو مكشوف العنيين" وهو يصمم وقد جاء من بين النهرين- على شيء واحد "ألعلى الآن أستطيع أن أتكلم بشيء من الكلام الذي يضعه الله في فمي به أتكلم"..

أسقطته الكبرياء

ولعل هذه أول تجربة واجهها الرجل إذ أن القاريء المدقق في كلمة الله يعلم أن بلعام رفض أن يذهب إلى بالاق من المرة الأولى، وأن بالاق داهن الرجل وتملقه، بأن أرسل إليه وفدا أعظم وأعلى من الوفد الأول، حتى يحس تقديره الكبير له، وسقط الرجل في الفخ المنصوب، وذهب مع الوفد الثاني،.. ولعل هذه تجربة العظماء والموهوبين في كل جيل وعصر، إذ يجربهم الشيطان بالتعالي والكبرياء والغرور، وتكشف عن السياسة الإلهية الثابتة: "إن الله يقاوم المستكبرين أما المتواضعون فيعطيهم نعمة".. كانت الكبرياء المسمار الأول في نعش بلعام بن بعور.
أسقطه الطمع

كان يزعم أنه لا يتجاوز قول الرب ولو أعطاه بالاق ملء بيته فضة وذهباً، وعينه على كل درهم أو دانق يلقي به الملك إليه، كان محباً للمال بكل ما في الكلمة من معنى، كان واحداً من ذلك الموكب الرهيب الذي يتمشى في كل العصور: "الذين يريدون أن يكونوا أغنياء فيسقطون في تجربة وفخ وشهوات كثيرة غبية ومضرة تغرق الناس في العطب والهلاك لأن محبة المال أصل لكل الشرور،


بلعام وطريقه

لم يتبع بلعام نهجاً وسلوكاً خاصاً به، بل أصبح أكثر من ذلك مدرسة مشهورة من مدارس الضلال والكذب، ويكفي أن يصف الرسول بطرس أتباعه: "لهم عيون مملوءة فسقاً لا تكف عن الخطية خادعون النفوس غير الثابتة لهم قلب متدرب في الطمع أولاد اللعنة. قد تركوا الطريق المستقيم فضلوا تابعين طريق بلعام بن بعور الذي أحب أجرة الإثم"
بلعام ومصرعه

ومصرع بلعام عظة بالغة لمن يريد أن يتعظ ويتعلم، لقد جائته نهايته بأسرع مما كان يتصور أو يحلم، إذ لم يمت في بيته وأرضه، بل مات في أرض غريبة، أرض المديانيين، ولا يعلم أحد على وجه التحقيق لماذا كان هناك.. يظن البعض أن المديانيين دعوه كما دعاه بالاق ملك موآب، وأنه وقد استمرأ الدعوة الأولى وحلوانها، فقد ذهب إلى الثانية ليضاعف الحلوان ويكثر الثروة ولم يدر أن هناك نهايته ومصرعه، إذ قتله الإسرائيليون مع ملوك مديان،.. كانت الطريق الأولى ورطة أمامه، وبقيت له الحياة مع ورطة الطريق،.. لكنه عند تكرار الأمر لم يجد في الغالب ملاكاً يقف في طريقه، أو حماراً يزحم قدمه،.. لقد رأى الطريق رحب إلى الهلاك، والنهاية أسرع مما كان يظن،.. وإنها حكمة الله العجيبة، إذ أنه قبل أن يقضي على الحياة

نفسي حياة الأبرار ولتكن آخرتي كآخرتهم". وإذ لم يحيي الرجل هذه الحياة، لم يحقق الأمنية التي طافت بذهنه في لحظة سمو واتضاع" وذهب الرجل ليحقق قولاً آخر:

ما كل ما يتمنى المرء يدركه تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن!!


التعديل الأخير تم بواسطة jesus's girl ; 06-11-2010 الساعة 10:20 PM.
التوقيع:





jesus's girl غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-05-2010, 11:26 PM   رقم المشاركة : [52]
مراقب عام و مشرفة منتدى الشباب والشبات
الصورة الرمزية jesus's girl
 
avatakla ميكال

مكيال بنت شاول

«ورأت الملك داود يطفر ويرقص أمام الرب فاحتقرته في قلبها».
كان زواج مكيال بنت شاول بداود واحدا من أقدم وأغرب أنواع الزواج السياسي الذي تم بين الناس،
والزواج السياسي معروف منذ القديم، عندما كان الملوك يربطون بين

الأسر المتصاهرة، أو اتقاء خطر أو أطماع من جيران متحفزين، وقد

يكون على نطاق أضيق بين عشائر أو قبائل أو أسر أو بيوت، ولكن
الهدف مماثل، والغاية واحدة، على أن زواج داود بمكيال لم يكن كما
أشرنا من أقدم أنواع هذا الزواج بل من أغربه أيضاً، فكل زواج سياسي
القصد منه الإبقاء على العلاقة لا الانهاء عليها، والحرص ما أمكن على
طول أمده لا على الخلاص منه، ولكن هذا الزواج قصده شاول للعكس

تماماً، فهو يقصد أن يجعل منه مصيدة للقضاء على داود والتخلص منه
، حتى ولو تحولت ابنته إلى أرملة بعد موته،



ميكال وأساس الحياة الزوحية
كان الأساس الذي قامت عليه الحياة الزوجية بين ميكال وداود فاشلاً وخائبًا من أكثر من وجه،



فميكال زوجة داود الأولي يأخذها منه أبوها ليعطيها في لحظة نزاع وخصام إلى آخر،
على نحو قاس ومذل، ثم تلزم على ترك هذا الزوج للعودة إلى داود مرة ثانية على

نهج أكثر قسوة وإذلالا، حتى أن زوجها كان يسير وراءها، مودعاً إياها بالدموع

والبكاء، كما أن المجتمع تدخل في هذا الأساس فزاده سوءا على سوء، إذ أن فكرة هذ
ا الزواج نبتت أول الأمر، وشجعها الناس، على اعتبار أنها مكافأة لمن يتصدى

«لجليات» الجبار ويقتله، والزواج الصحيح، تكافؤ، وليس مكافأة، وفضل من الله،

وليس تفضلا من بشر، وما من شك بأن داود أدرك هذه الحقيقة فوقع فترة من الزمن في
التردد بين الإحجام والإقدام، ومع أنه قتل جليات بدافع أعظم من مجرد الرغبة في زواج
ابنة الملك، إذ كان همة الأول والأخير إزالة عار ألحقه الجبار بربه وإلهه، ولم يبحث

داود بعد هذا عن وعد الملك، بل بالحري تخوف منه وفزع وقال: «من أنا وما هي

حياتي وعشيرة أبي في إسرائيل حتى أكون صهر الملك» وعندما ألحت عليه الخاصة

الملكية كان جوابه: «هل هو مستخف في أعينكم مصاهرة الملك وأنا رجل مسكين وحقير»..
ولعله من الملاحظ أن هذا الإعجاب عاش فترة من الوقت بين داود

وميكال وكان من فضله أن ميكال أنقذت داود من مؤامرة أبيها، وقد

يعيش هذا الإعجاب تحت اسم الحب، عند كثيرين من المتزوجين،
ولكن إلى فترة، وما أكثر ما رأينا صور المحبين العاشقين وقد تحولوا

أعداء متنازعين على أقسى صور المنازعة، بعد صحوة الانفعال

المشبوب، والإدراك أن النجاح، إن كان هناك ثمة نجاح، الذي ينبثق عن

الإعجاب، ليس إلا النجاح الوقتي، الذي يعقبه فشل، وفشل قاس ذريع.

ميكال والنير المتخالف مع داود في الحياة الزوجية

كان من الواضح أن داود وميكال على النقيض في كل شيء، في الشخصية والروح والطباع والعادات، ومع أننا لا نعلم عن السنوات الأولى من حياة ميكال، عندما كانت في بيت أبيها صبية أو شابة، غير أنه من الواضح أنها لم تنل من التربية الدينية والحياة الروحية شيئًا قليلاً أو كثيرًا، وأنها كانت من هذا القبيل بنت أبيها، الذي رغم طوله الفارع كان قزمًا في المعرفة الدينية أو الحياة الروحية، وعلى العكس من هذا تماماً كان داود في الصبا والشباب بل وفي حياته كلها، يشرب عميقًا من نبع الشركة المقدسة مع الله، ويرتل مزاميره الخالدة، ويغني أغانيه الحلوة، التي تجاوزت أصداؤها القرون والأجيال فكيف يمكن للنهجين، والتربيتين، والأسلوبين أن يجمعهما سقف واحد، وفراش واحد، وأسرة واحدة!
فاذا عدنا إلى ميكال وقد خوت من هذا الأساس الروحي، رأيناها وزوجها يختلفان في السمات والصفات والطباع، فهي متكبرة، وهو وديع، وهي شرسة، وهو هاديء، وهي تنظر إلى الماضي بعين تختلف عن نظرته، فبينما تقف هي في غرورها على تل من ماض قديم، ومجد ذاهب، مجد بيت أبيها الذي هوى إلى التراب والحضيض يقبل هو في مكانه أو يركع أمام إحسانات الرب، ومراحمه، التي أخذته من وراء المربض ليكون ملكًا على الشعب!...
ميكال والتعاسة في الحياة الزوجية
كانت ميكال ابنة ملك وزوجة ملك، ولكنها كانت ينبوعًا لا ينتهي من التعاسة لنفسها أو لزوجها على حد سواء، ولعل من أبشع مظاهر هذه التعاسة أن يصل الأمر بها إلى احتقار زوجها، وأى زوج هذا الذي يحتقر؟ ياللعجب! بل ويا للسخرية؟ إنه بعينه الزوج الذي تزوجته يومًا ما بدافع من الحب




ومهما كان مركز الزوجة قبلاً أو حظها في الحياة أدنى أو أقل، فإن واجب الزوج أن يرفعها أمام الله والناس في مركز المساواة الدائمة، لأنه يوم يحتقرها في شيء، إنما يدري أو لا يدري، يحتقر نفسه، ويهين نفسه، إذ أصبح هو وهي، ليسا فيما بعد اثنين بل جسدًا واحدًا، وكل ما يفعله من هذا القبيل يرتد عليه رضى أم كره، شاء أو لم يشأ على حد سواء.
هذا الاحتقار النفسي في قلب ميكال، لا يمكن أن يقف عند حد الأساس الداخلي، بل لابد أن يظهر بهذه الصورة أو تلك ويطفح في تصرف ما، وقد ظهر في الإهانة وسلاطة اللسان، إذ صورت زوجها كواحد من السفهاء، هذه المرأة التي لاشك أنها أسمعت داود الكثير من عبارات المدح يوم أحبته وتزوجته، وذكرت له من الأوصاف والألقاب ما يخلع عادة على الأبطال، تعود بنفس اللسان لتشتمه وتسبه وتصفه بأوصاف الدهماء والرعاع وحثالة الناس!


وهذا ما فعلته ميكال باللسان الواحد، للرجل الواحد، وللأسف كان هذا الرجل أعظم رجال عصره، وفي الوقت نفسه زوجها وملكها!!

هذه المرأة المسكينة كان آخر مظهر من مظاهر تعاستها وشقائها، أنها كانت الوحيدة بين نساء داود التي لم تنجب ولداً. ولا أعلم مدى الغيظ أو الضيق الذي كان ينتابها عندما كانت ترى أولاد داود الكثيرين يلعبون ويركضون هنا وهناك، وترن ضحكاتهم في جنبات القصور، وهي ترى نفسها خاوية خربة النفس والقلب والمشاعر، في عزلتها الشديدة التي أوجدتها لنفسها بما جلبت عليه من كبرياء قلب وثورة طباع.. وقد حاولت هذه المرة أن تفعل شيئًا مخففًا من هذه الوحدة، فلم تغير من حالها وطبعها مع زوجها أو الآخرين بل سعت إلى تبني أولاد أختها ميرب الخمسة، كما يذكر التقليد، ولأجل ذلك جاء ذكرهم في سفر صموئيل عند موتهم منسوبين إليها!! وفقدت المرأة آخر ما تبقى لها من رجاء وعزاء! ولم تكن تدري في هذا كله، أنها هي السبب الأكبر، وأنها هدمت بحماقتها البيت الذي كان يمكن مع زوجها أن يكون واحداً من أعظم البيوت في تاريخ الناس...




انتظروا يشوع و ابيجابل








التعديل الأخير تم بواسطة jesus's girl ; 06-11-2010 الساعة 10:17 PM.
التوقيع:





jesus's girl غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-06-2010, 03:07 PM   رقم المشاركة : [53]
مراقب عام و مشرفة منتدى الشباب والشبات
الصورة الرمزية jesus's girl
 
افتراضي يشوع

يشوع
"موسى عبدي قد مات فالآن قم اعبر الأردن"
(يش 1: 2)
يشوع المجهز من الله للعمل بعد موسى
كان اسمه في الأصل "هوشع" أو "خلاص" ودعاه موسى "يشوع" أو "خلاص الله" ولد في مصر عبداً في بيت العبودية، ومن نسل يوسف، وسبط إفرايم، وهو الحادي عشر من سلسلة أحفاد يوسف، وكان أبوه "نون" وجده "أليشمع" الذي كان رئيساً لبني إفرايم عند الخروج،.. ومن المؤكد أنه كان فوق العشرين، وربما في الثلاثين من عمره، عندما ترك مصر، إذ كان كما يصفه الكتاب غلام موسى الذي يحرس الخيمة، عندما يتركها الرجل العظيم، وكان هو وزميله كالب بن يفنة اللذين نجوا من الموت، من كل الجيل الذي فوق العشرين الذي سقط في البرية لتمرده وعصيانه على الله!!.. وعلى أي حال لقد جهز الله يشوع في بطن الزمن ليكون الرجل التالي بعد موسى، وكان تجهيز الله له عميقاً وبعيداً، من مطلع الحياة، وربما لا نعدو الحقيقة إذا قلنا إن عناصر هذا التجهيز بدأت أولاً بالمرارة النفسية العميقة، إذ ولد الصغير وشب ليدرك أنه عبد في مصر، تحكمه كل قواعد العبودية القاسية، كان الاستعباد هو الذي حرك موسى ليكون محرراً للأمة،.. فإنه كان النخاس القاسي في صدر يشوع حتى لا يقع الشعب مرة أخرى فريسة الذل والألم والتعاسة والشقاء،..
وكأن يستمع إلى صوت من موسى يأتي بعد خمسة عشر قرناً من الزمان: "تعلموا مني لأني وديع ومتواضع القلب فتجدوا راحة لنفوسكم!!. كان يشوع بن نون الشاب المجهز بالتواضع لخدمته العظيمة!!.
يشوع البديل لموسى
إن البديل هنا -وللأسف- لم يكن ابني موسى، أو واحداً منهما، بل كان يشوع بن نون،.. إن عمل الله لا يمكن أن يؤخذ بالوراثة، كما أن أولاد الأبطال قد لا يكونون بالضرورة مثل آبائهم، وقد تخلف النار رماد كما يقولون.. وقد يخلف صموئيل النبي العف النبيل، من لا يسير وراءه من أبنائه في ذات المنهج والسلوك والاتجاه،.. ولعل موسى كان خفيض الرأس من هذا الجانب، ولعله كان يتمنى أن واحداً من ولديه يرتفع إلى مستوى الزعامة والقيادة، دونه أن يصبح نكرة أو مجهولاً بين الناس،..
يشوع والسند العظيم
بكى بنو إسرائيل موسى في عربات موآب ثلاثين يوماً، فكملت أيام بكاء مناحة موسى، ولم يعش يشوع أو الشعب في مناحة على القائد الراحل.. لقد سقط موسى، وذهب العمود الكبير،.. لكن يشوع رأى الأعظم والأمجد، رأى رئيس جند الرب، وخلع يشوع نعله من قدميه لأن الأرض التي يقف عليها أمامه أرضاً مقدسة، لم ير يشوع هذا الرئيس في حياة موسى، ولكنه رآه بعد رحيله،.. لم ير إشعياء رب الجنود إلا في السنة التي توفى فيها عزيا الملك،..
ولعله من الهام أن نلاحظ أن يشوع في هذه الرؤيا بدأ من الرؤيا التي بدأ منها موسى، إذ أن ملاك الرب الذي ظهر لموسى في العليقة، هو هو بعينه الذي ظهر ليشوع، واستمع يشوع إلى ذات الكلمات التي استمع إليها موسى قال له الله: "اخلع حذاءك من رجليك لأن الأرض التي أنت واقف عليها أرض مقدسة!!..
يشوع والمعركة الكبيرة


هذه المعركة الكبيرة لا يمكن أن تنجح، حيث هناك الفساد والخطية، والله لا يحارب في معارك الخطاة، وهو لا يمكن أن يساند يشوع وهناك عخان المختلس السارق، ولن تنجح المعركة ما لم تدفن الخطية في وادي غخور، ويصبح هذا الوادي بعد ذلك باباً للرجاء!!..


يشوع والنجاح الدائم
ما أجمل كلمة النجاح، يسمعها يشوع من الخطوة الأولى، وهي ليست نجاحاً متقطعاً أو محدوداً، بل هي النجاح أينما ذهب واتجه!!..

كان على يشوع لا أن يقرأ كتاب الشريعة فحسب، بل أن يتخذه صديقاً يومياً يسير معه كل صباح وكل مساء، كان عليه أن يخلق في نفسه وبيته وشعبه عادة التأمل اليومي في كلمة الله،.. وألم يغن صاحب المزمور الأول بهذه الحقيقة عندما قال: "لكن في ناموس الرب مسرته وفي ناموسه يلهج نهاراً وليلاً فيكون كشجرة مغروسة عند مجاري المياه التي تعطي ثمرها في أوانه وورقها لا يذبل وكل ما يصنعه ينجح"..


كان هذا سر النجاح عند يشوع، إذ ظل على الدوام يلهج في ناموس الرب ويعلم الشعب هذا الناموس: "وعبد إسرائيل الرب كل أيام يشوع وكل أيام الشيوخ الذين طالت أيامهم بعد يشوع والذين عرفوا كل عمل الرب الذي عمله لإسرائيل"..
يشوع كرمز ليسوع المسيح
ولعله آخر ما نختم به الحديث عن يشوع ذلك التشابه القائم بينه وبين المسيح، وكلاهما يحمل اسماً واحداً مع الفارق البعيد بين الرمز والمرموز، والظل والحقيقة، والأصل والتقليد!!..

لقد جاء في سفر يشوع: "واستراحت الأرض من الحرب" "فأراحهم الرب حواليهم" "والآن قد أراح الرب إلهكم إخوتكم كما قال لهم" "وكان غب أيام كثيرة بعدما أراح الرب إسرائيل من أعدائهم حواليهم" غير أن هذه الراحة هي التي أشار إليها كاتب الرسالة إلى العبرانيين: "لأنه لو كان يشوع أراحهم لما تكلم بعد ذلك عن يوم آخر إذا بقيت راحة لشعب الله" وليست هذه الراحة إلا الراحة التي يقدمها المسيح وفيه: "تعالوا إليَّ يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم" وهي الراحة من الذنب والهم والضيق والمعاناة في هذه الأرض، والطوبى الأبدية: "هنا صبر القديسين، هنا الذين يحفظون وصايا الله وإيمان يسوع.. وسمعت صوتاً من السماء قائلاً: لي أكتب طوبى للأموات الذين يموتون في الرب منذ الآن نعم يقول الروح لكي يستريحوا من أتعابهم وأعمالهم تتبعهم"..

انتظروا ابيجابل





التعديل الأخير تم بواسطة jesus's girl ; 06-11-2010 الساعة 10:16 PM.
التوقيع:





jesus's girl غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-11-2010, 07:50 PM   رقم المشاركة : [54]
مراقب عام و مشرفة منتدى الشباب والشبات
الصورة الرمزية jesus's girl
 
avatakla ابيجابل

أبيجايل

واسم الرجل نابال واسم امرأته أبيجايل..


أبيجايل الزوجة الجميلة

إن معنى الكلمة «أبيجايل» بهجة أبيها، ويبدو أنه من اللحظة التي ولدت فيها كانت أشبه الكل بالقمر الجميل


على أنه من الواضح أن المرأة كانت متفوقة في شيء آخر، في ذكائها اللامع وذهنها المتوقد، وان الكتاب في عرض شخصيتها، وضع فهمها قبل جمالها أمام الأنظار، وذلك لأن هذا الفهم كان في الواقع بمثابة الهالة الرائعة العظيمة لجمالها النادر، فإذا كنت مثلاً توخذ بجمالها قبل أن تتكلم، فإنك ستذهل بما تنطق من در الحديث وجوهر الكلام، ويكفي أن نرى نموذجًا لهذا، في ذلك الحديث البليغ الساحر الذي تكلمت به إلى داود، وضربت على أدق وأرق الأوتار في قلبه، فلم تعترف بالذنب فحسب، بل ذكرته برسالته العظيمة التي وضعها الله على كتفيه، وأنه مهما يصبه من نفي وتشريد وآلام، فانه عزيز على قلب الله، وأنه محفوظ في حزمة الحياة مع الرب،

على أن حكمة المرأة وبلاغتها لا تقف عند الحدود النظرية أو فلسفة الكلام، لقد كانت كما هو ظاهر من لغة الكتاب سريعة التصرف أذ أدركت الأثر الوشيك الحدوث لتصرف زوجها الأحمق، ولو أنها لم تسرع وتبادر إلى إنقاذ الموقف، وتوانت ولو إلى ساعات قلائل، لقضى الأمر، وجاء عملها بعد فوات الأوان، أنها من ذلك النوع الذكي الذي ينتهز الفرصة ويحسن التوقيت، ويتصرف بعمق وتأمل ودون جلبة، دون أن تخبر زوجها، الذي لم يكن في وعيه، إذ كان مخمورًا مع صحبه في حفل ماجن كبير، وكان من العسير أن تخبره بشيء حتى يفيق من سكره ويثوب إلى رشده!
ألا ما أجمل أن تتصرف المرأة في بيتها في وقت الكارثة أو الأزمة الطارئة في حنكة وصمت وهدوء، بتوازن مطلوب، وبديهة مجهزة، وعلى وجه الخصوص إذا جاء الأمر نتيجة حماقة زوج، أو شطط أو خطأ من واحد من أهل بيتها لا يحتمل معه تواكل أو جمود أو سكوت!.
ولا يغرب عن البال أن هذه المرأة إلى جانب هذا كله كانت امرأة وديعة، لم يخرجها الجمال أو الفهم أو الثروة إلى نوع من الكبرياء أو الشموخ أو التعظم انظر إليها وهي تقترب من داود، إذ تنزل عن الحمار وتسقط على وجهها، وتسجد، وترى في نفسها أمة، وجارية مذنبة، تحتاج إلى صفح وغفران من سيد تجثو عند قدميه، وليس هذا لمجرد أن تدفع عن نفسها وبيتها شرا يوشك أن يحدث، بل لأنها كما وصفت فيما بعد نفسها لداود: «هوذا أمتك جارية لغسل أرجل عبيد سيدي».. فإذا أضفنا إلى ذلك كرمها الذي ظهر فيما قدمته لداود، ولا يظهر هذا الكرم في تعداد الخبز والخمر والخراف والفريك والزبيب والتين، الذي قدمته بكثرة ووفرة، بل في ذلك الاستحياء الذي قدمته به، إذ هو لا يصلح قط لداود، فإنه أعلى وأسمى من هذا كله بل هو: «للغلمان السائرين وراء سيدي».


وأجمل من كل هذه الصفات إن المرأة كانت تقية، فبينما يقامر زوجها على الفرس الخاسر، إذ يقف إلى جانب شاول المرفوض والمطرود من الله، تقف هي إلى جانب داود المختار من الله، أو في لغة أخرى إنها كامرأة مؤمنة تقف إلى جانب الحق الإلهي، في الجانب الأضعف ظاهريًا، والذي يعاني الكثير من الاضطهاد والآلام والضيقات والمتاعب والتشريد




أبيجايل والنجاة المفاجئة

وهذا يأتي بنا إلى ختام قصة هذه المرأة مع زوجها نابال على نحو مثير فجائي لم تكن متوقعة بمثل هذه السرعة الإلهية المباغتة، لقد وقفت في طريق العاصفة الهوجاء التي كان من المستحيل أن تفرق بينها وبين زوجها وبيتها، يوم هبت عليها من داود الثائر الغاضب، ورجعت إلى بيتها وقد واتاها النجاح على نحو كامل، لتجد زوجها غارقًا في سكره حتى الطامة، ولم تستطع أن تخبره بشيء كبير أو صغير إلى ضوء الصباح حتى يفيق، واذا أخبرته، كما يقول الكتاب، مات قلبه فيه وصار كحجر، أو مات كما يفسره هوايت: بحجر في قلبه، لقد مات نابال من الكبرياء والغضب، مات من مرض غريب، وأعني به مديونيته لزوجته، وقد كان يؤثر أن يموت بسيف داود على أن ينجو بوساطة زوجته وشفاعتها وتوسلها، وهو لا يرضى أن يصور بأنه أحمق فيما فعله في ذلك اليوم مما جلب عليه كل ما حدث، ولو أن نابال فعل شيئًا آخر، لو أنه اعترف بما فعلته زوجته، وقبل يديها، وقدميها، لربما كان له تاريخ آخر، ومصير آخر، ولربما بقي، وعاش معها، حتى أصبح مسنًا، ينعاه شعبه وجماعته، ويموت كرفع الكدس في أوانه، ولكن نابال مات لما ضربه الرب، لشره، وجبنه، وحماقته، وكبريائه، وقسوته، وغيرته،... أما المرأة التي كانت شريكه له، والتي رجت له ولنفسها الحياة من سيف داود. ما كانت تتوقع وقد أوصد عليها باب الحياة الزوجية، أن يفتح سجنها، أو تخرج من باب القفص الذهبي بين عشية وضحاها، بعد مرور عشرة أيام فقط من تلك الواقعة،.. وهكذا مات نابال، لتعود المرأة بحياة الترمل الى استرداد ما كاد يضيع من طعم الحياة ومعناها، لو أنها بقيت في أسره وقصره،.. بل لتعود من جديد قبل أن يذهب الشباب وتدور الأيام زوجة لداود، تلد له، وتعيش معه، على معنى أصح وأقدس وأجمل وأكمل، من معاني الحياة المقدسة أمام الله والناس، وهكذا تذهب المرأة مثلاً لمن يستسلم ويسلم أمره لقضاء الله وعدله، وقد يأتيه القضاء على نحو أسرع مما كان يظن، وعلى وجه أفضل مما كان يتصور، وعلى وضع أحسم مما كان يتخيل أو يحلم كما فعل الله مع المرأة القديمة العظيمة أبيجايل زوجة نابال الكرملي!!..



انتظروا كالب و ملكة سبأ

صلوا لاجلي




التعديل الأخير تم بواسطة jesus's girl ; 06-11-2010 الساعة 10:15 PM.
التوقيع:





jesus's girl غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-11-2010, 09:18 PM   رقم المشاركة : [55]
امين الخدمة

 
افتراضي

الله يا ميرنا على المجهود الرائع جدا
وشخصيات الكتاب المقدس كنز بنتعلم منه الكثير
وهنتابع معاكى موضوعك الرائع
وشكرا لمجهودك الجميل
ربنا يبارك فى خدمتك ويعوضك


التوقيع:
[flash=http://up.ava-takla.com/uploads/files/ava-takla-588017e24e.swf]WIDTH=469 HEIGHT=600[/flash]





المصرى الأصيل غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-11-2010, 10:09 PM   رقم المشاركة : [56]
مراقب عام و مشرفة منتدى الشباب والشبات
الصورة الرمزية jesus's girl
 
افتراضي

شكرا استاذي للتشجيع الجميل واسفة اني اتأخرت جدااااااااااااااااااا
لكن هرجع ونتابع باقي شخصيات الكتاب المقدس


التوقيع:





jesus's girl غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-11-2010, 10:13 PM   رقم المشاركة : [57]
مراقب عام و مشرفة منتدى الشباب والشبات
الصورة الرمزية jesus's girl
 
افتراضي كالب

كالب

"وأما عبدي كالب فمن أجل أنه كانت معه روح أخرى

وقد اتبعني تماماً أدخله الأرض التي ذهب إليها وزرعه يرثها"

(عدد 14: 24)

كالب وصفات روحه الأخرى
من هو كالب، وما هي أخلاقه وصفاته، الظاهرة من قول الله: "كانت معه روح أخرى وقد اتبعني تماماً.."؟.. قد يكون من المناسب أن نرى -باديء ذي بدء- ارتباط روحه ببدنه، أو انعكاس الروح على بدنه، وتأثيرها فيه، وفاعليتها معه،.. وهنا يمكن أن نقول أن روح كالب كانت أولاً -وقبل كل شيء- روح الشباب الدائم،.. لقد كان كالب من الشخصيات النادرة التي عاشت الحياة ربيعاً كاملاً، ولم تعرف الشيخوخة قط،.. فهو في الأربعين من عمره هو هو في الثمانين أيضاً: "والآن فها قد استحياني الرب كما تكلم هذه الخمس والأربعين سنة من حين كلم الرب موسى بهذا الكلام حين سار إسرائيل في القفر والآن فها أنا اليوم ابن خمس وثمانين سنة فلم أزل اليوم متشدداً كما في يوم أرسلني موسى كما كانت قوتي حينئذ هكذا قوتي الآن للحرب وللخروج وللدخول".. والشيخوخة بهذا المعنى ليست عمراً متأخراً يصل الإنسان إليه، بل هي في الواقع حالة نفسية تصل إليها الروح، فمن الناس من يشيخ في الثلاثين من عمره، ومن الناس من يحيا في الشباب وهو فوق الثمانين،.. وهناك تفاعل وتجاوب بين الروح والجسد من هذا القبيل!!.. خضع الشاب لعملية جراحية خطرة دقيقة، وعندما أفاق من المخدر، قال له الطبيب: هل تعلم لماذا استطاع جسدك أن يتحمل هذه العملية الدقيقة الخطرة؟ وأجاب الشاب مبتسماً: نعم لأني أعيش حياتي عفاً مستقيماً.. وقال الطبيب: أجل وهذا هو السبب الوحيد لنجاتك!!.. فلو أنك عشت حياة مستبيحة متلافة لما أمكن أن تجتاز طريق الموت الذي اجتزته،.. ولا شبهة في أن كالب كان في الخامسة والثمانين من عمره شاباً، لأنه عاش حياة لا يمكن أن يستهلكها فساد أو يضيعها مروق عن الاستقامة!!.. لقد بنى الرجل بيته فوق الجبال في حبرون، وهو من ذلك الصنف من الناس الذي يستنشق الهواء ملء رئتيه، ويعيش الحياة الهادئة السليمة الصحية فوق الجبل أو في بطن الوادي، ولا يعيش للحياة أو تعيش الحياة له، ومثل هذا الإنسان هيهات أن يشيخ أو يطوي في حياة عبوسة وهما وقلقاً!!.. لأنه يملك على الدوام روح الشباب!!.. وإلى جانب هذه الروح كان يعيش حياة الاستقامة، فالحياة عنده خط مستقيم لا يعرف عوجاً أو التواء، وهذا الخط ليس من صنعه أو تفكيره أو استحسانه، بل هو خط الله الذي لا ينحرف عنه أو يتنكب الطريق!!.. كان كالب بن يفنة من سبط يهوذا، وهناك تساؤل حول ارتباط كالب بهذا السبط، أهو ارتباط الأصل أو الانتماء؟؟ وهل كان من الدخلاء الذين كانوا لفيفاً خرجوا مع شعب الله في مصر، ولكنه آمن وسار مع الشعب ودخل في سبط يهوذا؟!!.. وهل هو أدومي الأصل؟!! أم من أصل يهوذا؟!!. تختلف الآراء حول ذلك وتتعدد، وإن كان من المؤكد أنه حسب من سبط يهوذا وكان من المعدودين فيه، المتقدمين في رجاله، والممثلين له في فحص الأرض التي كان عليهم أن يأخذوها فيما بعد!!.. ليس البحث هنا بذي قيمة بقدر ما الحقيقة الروحية، إنه كان إسرائيلياً حقاً لا غش فيه، وقد وصفه الله أجمل قول وأصدقه: "وقد اتبعني تماماً" كان جندياً بطبيعته المحاربة، وكان أكثر بروحه المستقيمة التي لا تعرف اللف أو الدوران، وفي أي طريق ملتو أو معوج قد يسير غيره فيه إلا أن قرار حياته هو الدائم: "وأما أنا فاتعبت تماماً الرب إلهي".وهو هنا يكشف عن طبيعته الدينية العميقة، فالدين عنده علاقة شخصية فردية بالله



كالب ومتاعب الروح الأخرى
والروح الأخرى على ما أدركنا من سمات وصفات، لابد أن تواجه متاعب جمة في الحياة، لو شئنا أن ندقق فيها لرأيناها على الأغلب ثلاثية..


المتاعب مع النفس في الطريق المنفرد
عندما رجع الاثنا عشر من تجسس الأرض، انقسموا إلى فريقين: فريق الأغلبية وكانوا عشرة، وفريق الأقلية وكانا اثنين، كالب بن يفنة ويشوع بن نون!!.. واختار الاثنان الطريق المنفرد، طريق الأقلية،.. وهذا الطريق لا يسير فيه إلا أعظم الشجعان في الأرض، الذين يعيشون ويموتون من أجل الرأي الذي اعتنقوه، وأضحى دينا ومذهباً لحياتهم بين الناس، وأبطال الطريق المنفرد هم إبراهيم الذي ترك أهله وعشيرته، وسار يضرب في الأرض وحيداً أو شبه وحيد، دون أن يقبل اندماجاً أو اختلاطاً يترك أثره الماحق على نفسه ورسالته،.. وإيليا الذي وقف في جانب، والأمه كلها في جانب آخر، ومع ما في هذا الطريق من قسوة أو عزلة نفسية مروعة، إلا أننا نراه لا يبالي بها وهو يقول: "بقيت وحدي وهم يطلبون نفسي ليأخذوها".. وبولس الذي صاح: "الجميع تركوني. لا يحسب عليهم".. وأثناسيوس الذي قيل له: لقد أضحى العالم كله ضدك، فأجاب: وأنا ضد العالم،.. وجاليليو الذي أجبروه على أن يركع ويقول أن الأرض مستوية، فركع وقام صارخاً وهو يقول: لكنها كروية!!.. ولوثر الذي تعرض لأكبر محاكمة في التاريخ إذ أنه وقف أمام الامبراطور شارل الخامس، وأمام عدد من القضاة يتجاوز المائتي قاض، وصاح صيحته المجلجلة التي تخطت الأجيال: "هنا أقف ولا أفعل غير ذلك وليعني الله"!!.. عندما كان على إبراهام لنكولن أن يوقع قرار تحرير العبيد، القرار الذي لابد منه، وإن كان في الوقت نفسه سيفتح جراح الأمة بأكملها في الحرب الأهلية، ظل يمسك القلم ويضعه ليلة بأكملها، وهو ساهر إلى الصباح حتى وقعه بعد طول المعاناة النفسية في معركة ضارية مع نفسه!!..
من السهل أن يسير الإنسان في موكب الأغلبية، يردد هتافها، ويتحدث بنفاقها، إذا لم يكن على مبدأ وخلق، وأصعب ما يواجهه أن يقف منفرداً أو مع الأقلية إذ التزم الأمر أن يشهد لعقيدته ومبدأه.. وقف فون زلند القائد الألماني أمام فردريك الامبراطور مثل هذا الموقف، وقد كلل الشيب رأسه، إذ اجتمع مع الامبراطور وقادة بلاده، وسمعهم يسخرون ويتندرون بالدين، وبشخص المسيح، فما كان منه إلا أن أمسك عصاه، والتفت إلى الامبراطور وهو يقول: لقد حاربت يا مولاي من أجلك أربعين معركة،.. وها أنا الآن شيخ أدنو من نهاية حياتي، وبعد قليل أواجه سيدي الأعظم،.. وأنا لا أسمح أن يهان اسمه أمامي، ولأجل ذلك سأخرج من الملك،.. وصرخ الامبراطور: إني أعتذر.. إني أعتذر يافون زلند!!.. أعتذر عن كل ما قيل!!.. وهذا حسن، ولكن ينبغي أن ندرك أن موقف القائد العجوز كان في حد ذاته انتصاراً على المعركة التي ولا شك نشبت في داخله قبل أن يقول مثل هذه الأقوال!!..



المتاعب مع الآخرين في الاضطهاد القاسي
ليس الأمر أمر معركة مع النفس، بل هو أكثر من ذلك، قد تكون معركة قاسية مع الآخرين،.. وفي كل جيل وعصر يتعرض أرباب الطريق المنفرد لما لا ينتهي من صور الاضطهاد النفسي والمعنوي والمادي، الأمر الذي أجمله المسيح في القول: "طوبى لكم إذا عيروكم وطردوكم وقالوا عليكم كل كلمة شريرة من أجلى كاذبين"!!.. ومع أننا لا نعلم ماذا قال الإسرائيليون عن يشوع وكالب، في ذلك اليوم البعيد،.. إلا أنهم من المؤكد قد لصقوا بهما كل النعوت القاسية، والألفاظ الشريرة،.. وما أكثر ما اتهم القديسون في الأرض بأشد أنواع التهم والبذاءات، فهم خونة، مجرمون، أفاقون، كاذبون، يعملون لصالحهم ولذاتهم،.. ولعل من أعجب ما سجل الوحي قول اليهود عن بولس -بعد أن قبض عليه في أورشليم أمام الأمير، وهو يحتج أمامهم أنه لم يفعل شيئاً، وأنه يطيع الرؤيا السماوية التي قال له الله فيها: "اذهب فإني سأرسلك إلى الأمم بعيداً، فسمعوا له حتى هذه الكلمة ثم رفعوا أصواتهم قائلين- خذ مثل هذا من الأرض لأنه كان لا يجوز له أن يعيش".. فإذا كان بولس يقول هذا، فإن حكم الإعدام ليس هو الأمر الجائز فحسب، بل أكثر من ذلك أن وجود مثل هذا غلطة شنيعة بين الناس!!.. وبمثل هذا المعنى تعرض كالب بن يفنة للرجم، وتعرض -وما يزال يتعرض- الكثيرون الذين لا يعيرون فحسب، بل يطردون أيضاً، ويشردون، وتقطع عنه أسباب الحياة المعنوية والمادية، فهم في القيود والحبس والتشريد والتجويع والتعذيب، وكل ما يمكن أن تبتكره وشحية الجلادين المعذبين!!.. وقد ظهر كالب بن يفنة بثيابه الممزقة بطلاً عظيماً أمام الله والناس، وحفظه الله من الموت، المريع،.. وعاد الناس بعد ذلك يذكرونه بالإجلال والإكرام،.. وهذا ما يفعله الناس -للأسف متأخرين أو كما وصفهم السيد المسيح: "ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراؤون لأنكم تبنون قبور الأنبياء وترينون مدافن الصديقين وتقولون لو كنا في أيام آبائنا لما شاركناهم في دم الأنبياء فأنت تشهدون على أنفسكم أنكم أبناء قتلة الأنبياء"..


المتاعب مع الله في الطريق المنفرد
وهل يتعب الإنسان مع الله في الطريق المنفرد؟.. إنه غالباً ما يتعب من صبر الله وطول أناته طوال الطريق!!..

نعم لقد قضى الله على العشرة في الحال، في قصة كالب، لكنه مع ذلك كان لابد لكالب أن ينتظر خمسة وأربعين عاماً قبل أن يتحقق موعد الله معه، وهو زمن طويل بالقياس إلى عمر الإنسان، ومحدودية صبره،.. هذا هو الصبر الطويل، الذي كادت تزل قدما آساف بسببه عندما قال: "حقاً قد زكيت قلبي باطلاً وغسلت بالنقاوة يدي وكنت مصاباً اليوم كله وتأدبت كل صباح لو قلت أحدث هكذا لغدرت بجيل بنيك" والذي جعل إرميا يصيح: "أنت يا رب عرفت اذكرني وتعهدني وانتقم لي من مضطهدي بطول أناتك لا تأخذني اعرف احتمالي العار لأجلك".. "قد أقنعتني يارب فاقتنعت وألححت على فغلبت صرت للضحك كل النهار كل واحد استهزأ بي لأني كلما كلمت صرخت ناديت ظلم واغتصاب لأن كلمة الرب صارت لي للعار وللسخرية كل النهار فقلت لا أذكره ولا أنطق بعد باسمه فكان في قلبي كنار محرقة محصورة في عظامي فمللت من الإمساك ولم أستطع" والذي دفع بحبقوق إلى أن يقول: "حتى متى يا رب أدعو وأنت لا تسمع أصرخ إليك من الظلم وأنت لا تخلص..،.. ألم يرسل المعمدان تلميذيه إلى المسيح وهو يقول: "أنت هو الآتي أم ننتظر آخر"؟!!..


كالب ومكافآت الروح الأخرى
قد ينتظر الإنسان قليلاً أو كثيراً، ولكن الله لابد أن يكافيء من يتبعه تماماً بروح أخرى تختلف عن روح الآخرين،.. وقد كافأ الله كالب بالعمر المديد، ولعله وهو يرى العشرة جواسيس يقضي عليهم في الحال ويموتون، ورأى نفسه ويشوع من تجاوزا العشرين من العمر، وهما فقط اللذان يبقيان حتى يدخلا أرض الموعد،.. لعله انحنى شكراً، وهو يرى العشرة يدفنون والجبل كله يتهاوى على رمال سيناء، ويبقى هو بمعجزة كريمة من الله،.. وكم أدرك في تلك اللحظة بركة الإيمان المنقذة والحارسة معاً،.. بل لابد أن ننظر إلى بركة البنين الجسدية التي استمر عليها، فلم تعمل فيها الشيخوخة أو تهدمها الأيام، أو تنال من قوتها في الدخول أو الخروج أو الحرب،.. لقد كانت هذه البنية قوية إلى الدرجة التي تتسلق فيها الجبال، وتدخل المعارك الوعرة وتقتحم الصعاب، ويدرك صاحبها أنه بين يدي الله أمين على استعداد أن يعطي الوهاد والجبال بما فيها من سعة وارتفاع وينابيع، بذلك الشرط الواحد أن يتسع الإيمان ويمتد إلى الدرجة: "إن الأرض التي وطئتها رجلك لك تكون نصيباً ولأولادك إلى الأبدلأنك اتبعت الرب إلهي تماماً"..

آه كم من أرض موعد تضيع من حياتنا، وكم من بركات غنية هي أدنى إلينا وأقرب، بشرط أن تطأها قدم الإيمان، دون حاجز من عمر أو صعوبة،.. فهل نصعد مع الرجل القديم لطرد العمالقة من حبرون ونقول: "فالآن أعطني هذا الجبل الذي تكلم عنه الرب في ذلك اليوم لأنك أنت سمعت في ذلك اليوم أن العناقيين هناك والمدن عظيمة ومحصنة لعل الرب معي فأطردهم كما تكلم الرب.. فباركه يشوع وأعطى حبرون لكالب بن يفنة ملكاً لذلك صارت حبرون لكالب بن يفنة القزني ملكاً إلى هذا اليوم لأنه اتبع تماماً الرب إله إسرائيل"



التوقيع:





jesus's girl غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-16-2010, 05:19 PM   رقم المشاركة : [58]
مشرف منتدى الملاك ميخائيل

الصورة الرمزية Misho Fayez
 
افتراضي

مجهووووووووود اكتر من رائع يا ميرنا


التوقيع:



Misho Fayez غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-19-2010, 09:17 PM   رقم المشاركة : [59]
مراقب و مشرفة قسم التأملات
الصورة الرمزية sasso
 
افتراضي

موضوع متميز جدااااااااا مرسى يا ميرنا ربنا يعوضك يا قمر


التوقيع:

[flash=http://up.ava-takla.com/uploads/files/ava-takla-b558c66a96.swf]WIDTH=400 HEIGHT=350[/flash]
sasso غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الملايكه :::::: متجدد bebotop منتدى الملاك ميخائيل 31 12-27-2010 11:47 AM
تفسير سفر الجامعة (متجدد) little angel منتدى العهد القديم 15 09-12-2009 09:01 AM
برنامج باقى الحكايه ( متجدد ) ابن البابا منتدى الشباب والشبات 41 05-21-2009 08:38 PM
من أقوال البابا شنودة......متجدد حبيب البابا منتدى قداسة البابا شنودة 3 04-03-2009 11:24 PM
من مذكراتى الخاصه ( متجدد ) !!! pishoy منتدى الشباب والشبات 15 03-18-2009 07:34 AM


الساعة الآن 04:59 PM


† هدف خدمتنا: "‎ذوقوا وانظروا ما أطيب الرب‎" مزمور 34 : 8 †
† مبدأ خدمتنا: "ملعون من يعمل عمل الرب برخاء‎" ارميا 48 : 10 †
† شعار خدمتنا: "ليس لنا يا رب ليس لنا لكن لاسمك أعط مجدا‎" مزمور 115 : 1 †