#1
|
||||
|
||||
برج بابل
نوح واولاده نجوا مع عائلاتهم من الطوفان لأنهم أطاعوا أمر الله وبنوا الفلك. وباركهم الله قائلا: «أثمروا وأكثروا واملأوا الأرض». وهذا ما حدث بالفعل، إذ ازداد نسل أبناء نوح. وهكذا تكاثر الناس وتضاعف عددهم ثانية على وجه الأرض بعد فترة قصيرة من الزمن.
وأخذت تلك العائلات تتنقل مع قطعانها من مرعى إلى آخر. وأثناء تنقلها هذا وصلت إلى سهل كبير واسع، كان يُدعى في ذلك الوقت سهل شنعار، والذي يُعرف اليوم بالعراق. وكانت الأرض خصبة وغنية بالمياه. وأُعجب الناس بهذا المكان وقالوا بعضهم لبعض: «هذا المكان جميل. هلم نبن لأنفسنا مدينة وبرجاً عظيماً تصل قمته إلى السماء، ونصنع لنا اسماً ونبقى دائماً في هذه المدينة». كان أسلافهم قد بنوا المدن من قبلهم، وخاصة قايين القاتل. لكن فكرة بناء برج تصل قمته إلى السماء، كانت فكرتهم الخاصة والجديدة. أرادوا أن يبنوا بناءً فائق الصنع لا مثيل له. وبسبب مهارتهم وذكائهم توصلوا إلى اكتشاف عظيم. فحتى ذلك الحين كانوا يبنون بيوتهم بالحجارة والطين. غير أنهم كانوا بحاجة إلى كسارة لهذا النوع الجديد من البناء ليستخرجوا منها الحجارة. ولكنها لم تكن متوفرة لهم في هذا المكان. فلذلك أخذوا يحرقون اللِّبن ليتحول إلى طوب لاستعماله كمواد للبناء. واستعملوا الزفت أيضاً كمادة مزج عوضاً عن الطين. كان هذا العمل عملاً شاقاً لصنع الملايين من قوالب الطوب وحرقها حتى تصبح جاهزة للاستعمال. وساعد الجميع في التحضير لهذا العمل. أما المهندسون الذين صمموا البناء بعد دراسات ومشاورات طويلة فكانوا يتحركون بهمة ونشاط في منطقة البناء. وكان لا بد من دراسة كل شيء بدقة وإمعان، حتى ينجح عملهم الفريد وينالوا من جرّائه الشهرة والجاه والمجد. وخططوا أيضاً لبناء سور عظيم لحماية المدينة. وما أن انتهت التحضيرات لكل المراحل حتى ابتدأ الجميع العمل بقوة موحدة، يدفعهم الحماس لبناء المدينة العتيدة. كان العمل يتقدم بسرعة فائقة بسبب تفاهم الناس جيداً بعضهم مع بعض. ولم يكن يوجد أي تناقض في الأفكار أو سوء تفاهم، لأنهم كانوا يتكلمون جميعاً لغة واحدة. كان الجميع فخورين حينما سكنوا المدينة وانتقل كل واحد إلى بيته الخاص. وحان دور ذروة المراحل التي ستتوج مرحلة البناء، مرحلة بناء البرج الذي تعلو قمته نحو السماء. نعم، لقد أرادوا أن يصعدوا إلى السماء ويصبحوا على اتصال مع الله. «سوف نقوم بهذا» كلهم كانوا على هذه الثقة. كانوا يأملون أن يقتحموا السماء بذكائهم ونشاطهم وبذل كل جهدهم. يا لها من كبرياء! أراد الإنسان الصغير أن يبرهن لله الخالق أنه يستطيع الوصول إلى السماء دون معونته. وكان لهذا البرج قاعدة ذات مقاس عظيم، وعمل آلاف الرجال بابتهاج يداً بيد لإنجاز هذا العمل الفريد من نوعه. أخذ البرج يزداد ارتفاعاً. ومع ارتفاعه وصلت كبرياء الشعب وافتخارهم بذاتهم إلى الذروة. من يا تُرى يحذو حذوهم، ذكاءً ونشاطاً واختراعاً أو عملاً دؤوباً؟ لم يستطع أحد أن يوقفهم عن إنجاز عملهم العظيم هذا. وكانوا مصممين على تحقيق الهدف الذي وضعوه نصب أعينهم.وهذا ما كان يحثهم على متابعة العمل دون كلل. «قريباً سننتهي من عملنا العظيم هذا» كانوا يقولون بعضهم لبعض ناظرين بكبرياء إلى الأعلى. «هذا سيمنحنا اسماً عظيماً وشهرة في جميع أنحاء الأرض. وسيصبح هذا البناء العظيم مركز تجمّع لشعبنا ويحفظنا من التشتت». لقد قرروا أن يمكثوا في هذا المكان مع بعضهم البعض ضد إرادة الله القائل: «املأوا الأرض». ما هو جواب الله القدير العليم، تجاه خطة وأفكار بني آدم المتكبرين؟ نقرأ في سفر التكوين: «نزل الرب لينظر المدينة والبرج اللذين كان بنو آدم يبنونهما»، فكان هذا العمل العظيم والفريد في نظر الإنسان، «برجاً صغيراً» في نظر الله. لقد نزل ليفحص هذا العمل الذي يدلّ على الكبرياء، والذي أراد به البشر أن يخترقوا السماء. وعلم الله أيضاً أن الإنسان لم يصبح بعد الطوفان أفضل مما كان عليه سابقاً، لأنه ما زال يتصرف بما يلذ له. وما يقرره يقوم بتنفيذه دون الرجوع إلى مشيئة الله. فغضب الله وتدخل في عملهم وعاقب البشرية المتكبرة. وفي الوقت ذاته أراد الله أن يحفظ خليقته من الإلحاد والكبرياء الكامل. فقال الله: «هلم نبلبل لسانهم حتى لا يفهم أحدهم لغة الآخر». وفجأة لم يعد أحد من العمال يفهم الآخر. كانوا يعملون ولكنهم أساءُوا فهم تعليمات أرباب العمل. كان المهندسون يعطون التعليمات لإنجاز البناء، غير أنها كانت تُنفذ خطأ. فغضب أرباب العمل والعمال أيضاً، لأنه لم يعد أحد يستطيع أن يتفاهم مع الآخر. وهكذا لم يستطع أحد أن يتعاون مع الآخر فيما بعد، وشلّ سوء الفهم هذا عملهم جميعاً. وبلبل الله بنفسه لغتهم الموحدة. فلم يستطيعوا فيما بعد التحدث معاً لوضع التصاميم وتنفيذها. فأدّى هذا إلى انفصال فيما بينهم، وفضّلوا العيش بعيداً عن بعضهم البعض. وأما الذين تفاهموا بعضهم مع بعض، قد عزموا على الانتقال من هذا المكان إلى بلاد أخرى ليبدأوا حياتهم من جديد. وهكذا انتشر أحفاد نوح بإرادة الله في كل العالم. وتوزعت الأمم في جميع أنحاء العالم بعد أن استقرت كل أمة في أرضها حسب لغتها ونسبها. واليوم إن وجدت صعوبة في تعلّم لغة ما، تذكّر أن الله أوجد هذه اللغة ساعة غضبه بسبب كبرياء الإنسان. هل تعلم اسم المكان الذي أُقيم فيه هذا البرج؟ إنه بابل، وهو مكان في العراق، يقع جنوب غربي مدينة بغداد الذي يمكن زيارته في يومنا الحاضر. وبابل تفسيره «بلبلة» لأن الله بلبل لغة الشعب الواحدة الذي تكبّر عليه، وبددهم في كل أنحاء العالم. وكما نعلم، كانت أمنية الشعب أن يبقوا معاً ليبنوا إمبراطورية ضد إرادة الله. وليجعلوا اسمهم كبيراً ومعروفاً عوضاً عن أن يرفعوا اسم إلههم العظيم لكن الله القدير أفسد خطة الإنسان المتكبر ووضع حداً لحبهم الذاتي وتجاسرهم على مشيئته. وهذه البلبلة تحصل كلما أراد الإنسان القيام بعمل ما بعيداً عن الله ليصبح مثله. حينئذ لا يفهم الواحد الآخر ويخاف الناس من بعضهم ويصبحون أعداء. ولكن الله لم يرد أن يتخلى عن العالم، لذلك أرسل يسوع المسيح الحمل الوديع والمتواضع القلب. وحينما يصغي إليه الإنسان في أي زمان ومكان، ويؤمن به، يتغير قلبه وذهنه ويتغلب على بلبلة البابلية. حينئذ يحصل التفاهم بين أفراد البشر فيتحدثون سوياً، ويعم الفرح والسلام من جديد. إذا مكثنا في إرادة الله نمكث في بركته أيضاً. |
06-17-2010, 06:09 PM | رقم المشاركة : [2] |
مراقب عام و مشرفة منتدى الشباب والشبات
|
خرتي علينا يا ساسو بس هنعديها المرة دي
ربنا يعوض تعب محبتك حبيبتي ويباركك |
|
|
06-17-2010, 11:29 PM | رقم المشاركة : [3] |
مراقب و مشرفة قسم التأملات
|
معلش يا ميرنا مش هعمل كده تانى |
|
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
كيف ترى نفسك؟ | المصرى الأصيل | منتدى المرشد الروحى | 4 | 06-14-2011 04:32 AM |
يا ترى انت كمان هتقول لأ؟؟؟ | بنت الست العدرا | منتدى القصص | 7 | 03-01-2011 04:46 PM |
موجة برد وأمطار ورياح | Misho Fayez | منتدى الاخبار العامة | 3 | 12-27-2010 08:49 AM |
سجون لا ترى | sasso | منتدى التأملات | 6 | 10-30-2010 05:48 PM |
ثانيا"برج بابل" شخصيات للكتاب المقدس" 2 "... | little angel | منتدى العهد القديم | 2 | 06-09-2009 06:28 PM |