العشور اولاً... و لن يتركنا الله
حكى أحد الأتقياء القصة التالية ...
فى عام 1946 كان والدى يعمل موظفاً بالزقازيق و من متوسطى الحال بحيث يدبر معيشته مع زوجته و أولاده الأربعة بمرتبه الذى يقل عن الثلاثين جنيهاً و قتها بشئ من المشقة و لكنه كان مدققاً فى حياته يخاف الله من قلبه بالحقيقة و كان يعطى العشور دائماً و تعلمنا منذ الصغر أن هذا الجزء من دخلنا ليس من حقنا و لايمت لنا بصلة إنما هو ملك الله . ولكن فى أحد الشهور و كانت لى أخت مولودة عمرها ستة أشهر أضطر و الدى إلى مصروفات عاجلة و إستثنائية لا يمكن أغفالها أو تجاوزها عندئذ جلس بمفرده يحسب المريب و مفرداته و أنتهى الى نتيجة واحدة أنه لا يمكن دفع العشور هذا الشهر وعليه أن يدفع عشور الشهرين معاً فى الشهر القادم .
بمجرد إن أنتهى الى هذه النتيجة و أقتنع بها لينفذها ، إذ بصراخ المولودة يعلو و يزداد بشكل مثير لا يمكن إحتماله ، تشنجت و أرتفعت درجة حرارتها و أرتبك البيت كله و خرج الوالد و الوالدة لمفتش الصحة للكشف على المولودة . كتب الطبيب روشتة علاج و أوصاهما أن يعطوها الدواء كل ساعتين حتى تستريح. و توجها الى أقرب صيدلية و قاما بشراء الدواء و بمجرد دخولهم المنزل هدأت المولودة و أختفى البكاء و الصراخ . الطفلة سليمة بلا سخونة أو أى تشنج أو عصبية بل و أكثر من هذا كانت تلعب و تناغى
جلس أبى بمفرده يفكر تفكيراً عميقاً ثم أدرك ما حدث و قال لوالدتى " ... عارفة أيه اللى حصل .. الدكتور أخذ كذا و العربة الحنطور أخذت كذا ذهاباً وكذا إياباً و الدواء أخذ كذا ..مجموعهم كذا و كان الرقم الأخير هو العشور المؤجلة بالمليم تماماً لم يزد ولم ينقص و كان درساً لنا و له ظل يحكيه فى كل مرة تضيق معه الأمور و كان دائماً يقول العشور أولا ثم بعد ذلك هو – أى الله – يرتبها كما يشاء.أذكر أن السيد الرب الهنا بارك فى القليل الذى لنا فلم يعوزنا شئ بل و أورثنا بعد ذلك ليس المئات ولا الألوف بل الملايين