يندر أن يوجد انسان لا تقابله مشاكل في حياته، خفيفة أو ثقيلة.. والمشاكل التي تقابل الناس على أنواع كثيرة:
إما مشاكل عائلية قد تؤدى إلى الطلاق أحياناً، أو هي في محيط تربية الأبناء أو العلاقات مع الأقارب. أو هي مشاكل مالية أو اقتصادية من جهة الديون أو حالة السوق والأسعار. وربما تكون المشاكل في العمل بين الرؤساء والمرؤوسين، أو من جهة التعيين أو الترقية. أو مشاكل اجتماعية في محيط الجيران والأصدقاء... أو مشاكل صحية، أو سياسية، وما إلى ذلك
وتختلف أساليب الناس في معالجة المشاكل، أو في التعامل معها،
أو في مدى التأثر بها... وذلك تبعاً لنفسية وعقلية كل انسان، أو تبعاً لطباعه أو روحانيته أو شفافيته. أو تبعاً لنوعية المشكلة ومدى عمقها أو تصور نتائجها. أو يختلف التعامل مع المشكلة من جهة صاحبها: رجلاً كان أو امرأة، شاباً أو كهل
وهناك أنواع من الناس تحطمهم المشاكل، بينما آخرون ينتصرون عليها. وهناك أساليب خاطئة في مواجهة المشكلة، وأساليب أخرى سليمة.
وسنحاول أن نستعرض النوعين، وأنواعاً أخرى بين بين...
1- الهروب من المشكلة:
هذا النوع لا يواجه المشكلة بأى حل من الحلول، إنما يهرب منها، أو يؤجل النظر فيها، تاركاً إياها إلى عامل الزمن: ربما بمرور الوقت تتطور أو تتغير أو تزول، أو تتدخل عوامل أخرى لحلها..!
مثل هذا الشخص قد يسافر بعيداً عن مكان المشكلة، ويلجأ إلى تغيير الجو، أو يحوّل المشكلة إلى شخص آخر للتصرف فيها، كما يحدث أحياناً في المجال العائلى
ولكن الهروب من المشكلة ليس حلاً لها. ربما هو راحة منها بعض الوقت. ثم تعود المشكلة لمواجهة هذا الشخص الذي لم يواجهها...
2- حل المشكلات بالأعصاب!!
قد يوجد شخص يواجه المشاكل بالزعيق والصياح، وبالغضب والنرفزة، وبالشتيمة والتهديد والوعيد، وبالصوت العالى الحاد، وبالألفاظ الجارحة. ولا يمكن لشئ من هذا كله أن يحل إشكالاً...
إن الأعصاب الهائجة وسيلة منفرة، تدل على قلة الحيلة
كما تدل على الفشل في استخدام الحوار والإقناع. وتدل على محاولة تغطية هذا الفشل بالعنف الظاهرى، الذي هو شاهد على العجز الداخلى. أو هي محاولة لتخويف الطرف الآخر أو التخلص منه بهذا الأسلوب. ولكنها ليست طريقة اجتماعية محترمة. ويبقى معها الإشكال كما هو.
وقد تجلب الأعصاب الهائجة أمراضاً لصاحبها: مثل ضغط الدم، والسكر، وقرحة المعدة. بالإضافة إلى أمراض اخرى نفسية، وتعقيدات كثيرة في العلاقات الاجتماعية، يحاول اصلاحها فيما بعد، فلا يجد حلاً...
3- النكد والبكاء:
إنه أسلوب الطفل الذي يواجه المشكلة بالبكاء. على أن هذا التصرف الطفولى يبقى عند البعض حتى بعد أن يكبروا، وبخاصة عند كثير من النساء! فكثير من الزوجات يواجهن المشاكل بالنكد والبكاء، ويخسرن بذلك أزواجهن...
يدخل الرجل بيته، فيجد امرأته مكتئبة تبكى، وربما لسبب تافه، فيحاول حله. ثم يتكرر البكاء لسبب آخر، ولسبب ثالث. ويصبح البكاء خطة ثابتة في مواجهة كل ما لا يوافق هواها،مع تأزم نفسى وشكوى وحزن! مما يجعل الرجل يسأم هذا الوضع، ويهرب من البيت وما فيه من نكد. وتخسر المرأة زوجها..!
4- الضغط والإلحاح:
قد تكون مشكلة انسان هي رغبة يريد تحقيقها، ويجد معارضة لذلك من أب أو أم أو رئيس. فيظل يلح ويضغط بطريقة توصله إلى غرضه أخير
إن الالحاح قد يوصل إلى موافقة ليست برضى القلب. والعجيب أن صاحب الرغبة يخرج بهذه الموافقة الظاهرية، ولا يهمه قلب من أعطاها وعدم رضاه!
5- العنف... والجريمة:
أب لا يطيعه ابنه، فيلجأ إلى حل هذا الإشكال بالعنف، سواء بالضرب أو الزجر. وقد يسلك بنفس الأسلوب مع زوجته. وبذلك يخسر محبة أسرته له وقد يسلك بالعنف كل من هو صاحب سلطان، ولا يصل إلى نتيجة..!
والمقتنعون باستخدام العنف قد يحلون مشاكلهم بالجريمة أحياناً.
سارق يراه البعض وهو يسرق، فيقتل من رآه لئلا يكشف أمره... كذلك فتاة قد تحمل سفاحاً، فتقتل جنينها بالإجهاض. وهكذا يغطى هؤلاء الجريمة بجريمة اخرى. ومثلهم من يغطى خطيئته بالغش ، أو بالتزوير، أو بالرشوة، أو بشهادة زور، أو بالصاق الجريمة بشخص آخر برئ!
6- الحيلة والدهاء:
وهذا الأمر يلجأ اليه كثيرون في حل مشاكلهم. والدهاء – كالعنف – قد يوصل إلى نتيجة سريعة تبدو حلاً، وغالباً ما يكون أسلوباً شريراً.. والذين يستخدمون الحيلة لحل مشاكلهم أو أخطائهم، يلجأون إلى الكذب وهو سلاح مشهور غالبية الخطاة يلجأون اليه، وينكرون ما فعلوا.
إنسان يرتكب جريمة، فيعمل على إخفاء معالمها، أو إثبات وجوده في مكان آخر في وقت ارتكاب الجريمة! أو يساعده البعض على أنه كان مريضاً يعالج في مستشفى وقتذاك! أو أى اسلوب آخر مشابه...
7- سلاح الخيانة:
ما أسهل على خائن- لكى يصل إلى غرضه – أن يغدر بأحبابه أو بأولياء نعمته. أو يخون صديقاً إن رآه منافساً له، أو ظن أنه بالخيانة يمكنه أن يحل إحدى مشاكله، أو يصل إلى التشفّى. ومع أن الخيانة أوصلت البعض إلى حل بعض مشاكلهم، إلا أنهم فشلوا جميعاً واحتقروا ذواتهم.
إن الانسان ربما يستطيع أن يحتمل احتقار الآخرين له، إلا أنه نادراً ما يقدر على احتمال احتقاره لنفسه. فحينما تنكشف أمامه حقيقة حقارته، لا يحتمل.
8- العناد وصلابة الرأى:
البعض اذا واجهته مشكلة، يصر على رأيه ووجهة نظرة، مهما كانت النتائج سيئة ووخيمة. ويتحول الأمر إلى عناد ويزداد تعقيد
وكل ذلك ناتج عن كبرياء داخلية واعتداد بالذات. والعناد لا يأتى بنتيجة، لأنه محاولة لإرغام الطرف الآخر. فإذا لم يقبل، لابد من التصادم. والعلاج هو العمل على التفاهم، والتنازل عما تثبت عدم صلاحيته
9- اللجوء إلى العقاقير وأشباهها:
يقع انسان في إشكال ولا يجد له حلاً، فيلجأ إلى العقاقير وأصناف من المسكنات والمهدئات والمنومات. واذا قل مفعولها، يحاول أن يزيد كميتها. فإن لم تأت بنتيجة، يقع في التعب النفسى أو اليأس. والعقاقير هي اعتراف بالفشل في مواجهة المشكلة، والفشل في احتمالها وفى حلها...
وينضم إلى استخدام العقاقير، استخدام التدخين والخمر والمخدرات.
وكل تلك الوسائل لا تحل المشكلة، إنما يحاول بها الشخص أن يتوه عن نفسه... هو يهرب من مشكلته، وتظل باقية.
10- والبعض يقابل المشكلة بالاستسلام واللامبالاة، وليحدث ما يحدث!!
11- أما الطريقة المثلى:
فهى أن تقابل المشكلة بهدوء وبغير اضطراب. وتبحث عن الحل العملى لها، بكل حكمة. وإن أعوزتك الحكمة، اطلب مشورة الحكماء من ذوى الخبرة...
والجأ إلى الله بالصلاة ليوجد لك حلاً، لأن "غير المستطاع عند الناس، هو مستطاع عند الله". وفى كل ذلك "مررّ المشكلة دون أن تمررك"... أى اجعلها تمر، دون ان تسبب مرارة لنفسك.