سمعان اسم عبرانيّ ومعناه المستمع. وهو من القيروان في ليبيا حاليّاً. ويخبرنا الإنجيل أنّه والد الإسكندر وروفُس، ويبدو أنّ الجماعة المسيحيّة الأولى تعرفهما حتّى ذكرهما الإنجيل كتوضيح لهويّة سمعان والدهما (مر 15: 21). كان عائداً من الحقول، ولا شكّ أنّه كان منهكاً بعد شقاء يوم عمل. فأجبره الجنود على مساعدة يسوع في حمل الصليب (متّى 27: 32). الموقف الأوّل : كان سمعان عائداً إلى البيت بعد عناء يوم عمل. ورأى شخصاً آخر تعِب ويعاني الجهد والإرهاق. ولا ندري ما الّذي شعر به لهذه الرؤية. كلّ ما نعرفه أنّ موجةٍ من المحبّة تأجّجت في قلبه، وجعلته ينسى تعبه ولا يتحجج به ليمتنع عن إغاثة مَن هو في حال إرهاقٍ أشدّ منه. في كثيرٍ من الأحيان نتألّم لألم شخصٍ آخر. نندب حظّه، نأسف له، نضفي على وجوهنا مسحة الحزن والألم، ونمضي من دون أن نحرّك بإصبعنا الحمل الّذي يحمله. الكلام سهل جدّاً. وإذا ما أنّبتنا المحبّة الساكنة في قلوبنا، نسكتها ونقول: ونحن أيضاً نعاني، ولا أحد يكترث لنا. الموقف الثاني : سمعان القيروانيّ يحمل صليب المسيح: «وبينما هم خارجون من المدينة، صادفوا رجلاً من القيروان اسمه سمعان فسخّروه ليحمل صليب يسوع» (متّى 27: 32). حمل القيروانيّ صليب يسوع بدل المحراث، فحمل بهذا الفعل فقره صليباً، فرفع من معنى بؤسه و منحه قيمةً روحيّة.
هل تحمل صليبكَ مع المسيح لا وحدكَ، فتمنح هذا الصليب معنىً، وتدرجه في مخطّط الله الخلاصيّ، وتجعل من هذا الصليب وسيلةً تنال بها الخلاص، فتكون مثل القيروانيّ الّذي قام بعملٍ خلّدته الأناجيل في عمل الفداء الإلهي.
الموقف الثالث : عار حمل الصليب. فالصليب في ذلك الحين أداة عار. ومع جلبة الشعب والصخب، حيث يختلط الحابل بالنابل، وتحت ضرباط سياط الجنود، لابدّ من أنّه نال بعض الضربات ... لابدّ من أنّ الناس اعتقدوا أنّه هو المجرم المحكوم عليه. وظلّ في هذا الخزي حتّى الجلجلة، إي عبر المدينة كلّها هكذا. وهكذا أظهر سمعان أنّ عمل الفداء لا يتمّ بدون مشاركة الإنسان. فالقيروانيّ يمثّل الإنسان الخاطئ الّذي، على الرغم من خطاياه، يستطيع أن يساهم في تحقيق خلاص المسيح للبشر. العار، الإهانة، أقوال الناس ... ما أكثر الحجج الّتي تمنعنا عن مشاركة المسيح في عمله الخلاصيّ. ما الّذي سيقوله الناس عنّي كيف أحافظ على كرامتي ما شأني والآخرين ويبقى المسيح يعاني الآلام وحده، ونحن نتفرّج ولا نفكّر إلاّ بذواتنا ومصالحنا، فنزيد ألمه ألماً .