منتديات الانبا تكلا هيمانوت
 
jquery Ads




العودة   منتديات الانبا تكلا هيمانوت > المنتدى المسيحى > منتدى السيده العذراء مريم

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12-12-2010, 06:24 PM
نصيف خلف قديس غير متواجد حالياً
عضو مبارك
 


avatakla العذراء مريم وسر الفداء........

العذراء مريم وسر الفداء........


الأب جميل نعمة الله السقلاوي اللعازري
نبوءة سمعان الشيخ:
أؤمن بأن مريم قد اشتركت مع ابنها المسيح إلى حد كبر في سر الفداء، فقد جاء في إنجيل لوقا: "ولما تمت الأيام لتطهيرها بحسب ناموس موسى، صعدا إلى أورشليم ليقدماه للرب، على حسب ما هو مكتوب أن كل ذكر بكر يكون قدوسأ للرب...وكان في أورشليم رجل اسمه سمعان، وكان هذا الرجل صدّيقاً تقياً قد أوحى إليه الروح القدس أنه لن يرى الموت إلى أن يعاين مسيح الرب، فأقبل إلى الهيكل بقوة الروح، وأخذ الطفل على ذراعيه وبارك الله وقال: "الآن أطلق عبدك أيها السيد....لأن عينيَّ قد أبصرتا خلاصك الذي أعددته أمام كل الشعوب، نوراً لاستعلان الأمم، ومجداً لشعبك" (لوقا 22:-32).

ثم تنبأ وقال لمريم، كاشفاً لها عن مصير ابنها ومصيرها هي المأساوي: "ها إن هذا الطفل قد جُعل لسقوط كثيرين وقيان كثيرين في إسرائيل، وهدفاً للمخالفة، وأنتِ سيجوز سيف في نفسك، لكي تنكشف الأفكار من قلوب كثيرة". (لوقا 34:2-35).
يتضح من هذه النبوة إن مأساة تآمرية سوف تٌدبر ليسوع، فيختلف البشر عليه حتى الرفض، ومريم ستكون مشتركة في تلك المأساة حتى العذاب المرير.
ما يلفت النظر في هذه النبوة هو أن النص مثقل لغوياً بكلام يقطع ويعطل سياق الجملة،كان منتظراً ومنطقياً وأصح لغوياً، بعد التنبؤ عن مصير الولد "جُعل هدفاً للمخالفة" أن يتابع سمعان القول ويقول: "...لكي تنكشف الأفكار من قلوب كثيرة". لكنه يُدخل، بطريقة غير منتظرة، التنبؤ عن السيف، بين هذا الكلام الأخير وما سبقه (قد جُعل هدفاً للمخالفة، وأنتِ أيضاً سيجوز سيف في نفسك، لكي تنكشف الأفكار، إلخ...
هذا يعني انه كان في نيته إبراز التنبؤ عن السيف وإعطاؤه أهمية كبرى في المأساة، وما عدا ذلك، فإن هذه الأهمية تظهر في كون سمعان المتحدث إلى مريم، بدلاً من أن يكتفي بالقول: "ويجوز سيف في نفسك"، يقول: "وأنتِ أيضاً سيجوز سيف في نفسك"، كما لو انه أراد أن يشدد على كون الولد لن يكون وحده معنياً بتلك المأساة، بل هي أيضاً ستكون منغمسة شخصياً في المأساة المشيخية.
هذا الانغماس سيكون لها اجتيازاً لنفسها، لصميم كيانها، بسيف حاد ورهيب، فالكلمة اليونانية (romphaia) تعني سيفاً كبيراً جداً ورهيباً، الأمر الذي يوحي بأن ألماً كبيراً سوف يجتاز نفس مريم من جانب إلى جانب، الصورة هذه قاسية جداً وعنيفة: فالأمر ليس مسألة مشقة عاطفية عابرة أو سطحية، بل مسألة ألم حاد للغاية يخترق حتى أعماق الكيان، وينفذ "حتى مفرق النفس والروح، والأوصال والأمخاخ"، كما يقول الرسول بولس في مجال آخر (عبرانيين 12:4)، كان ينبغي لـ "عبد الله" أن "يُشدَخ" في جسمه (أشعياء 5:53)، كذلك ينبغي لـ "أمَة الله" أن "تُشدَخ" في نفسها.
يقول ماكس توريان: "مريم هي في ذلك مثال الكنيسة"، مثال جماعة المؤمنين الذين يُمتحنون في قضايا إيمانهم ووعود رجائهم، بالعذاب والشدائد وحقد البشر... يعيش المسيحي هذا الصراع، بين المسيح الذي يحبه في الإيمان، وبين الشدائد الدنيوية التي تنال منه في جسده، أما مريم فإنها تعيش هذا الصراع بين المسيح الذي تحبه – في الإيمان بصفتها مؤمنة، وفي الجسد بصفتها أماً بشرية – وبين الشدائد العالمية التي ستنال من ابنها حتى عذاب الصليب، فهي بذلك الصورة الحقيقية للكنيسة، لكنها سوف تتعذب أكثر من كل مسيحي، طالما أن موضوع إيمانها المستهدف باضطهاد العالم، هو نفسه الابن الذي ولدته والذي تحبه كأم بشرية، سيف مريم هو صليب المسيح المغروز في قلبها الوالدي، هي التي كان لها من الرب أروع الوعود..
"وهي لن تجوز، منتصرة، تلك المحنة الأليمة، محنة السيف...، إلا بارتضائها الصليب في حياة ابنها – وان يكن ابن الله – وفي حياتها هي، حياة المؤمنة وحياة الأم".
فادية مع الفادي؟..
لقد سارت العذراء على طريق الإيمان وهي محافظة على الاتحاد بابنها حتى الصليب حيث بتدبير لم يكن غريباً عن التدبير الإلهي، كانت واقفة قرب الصليب وهي تتألم مع ابنها الوحيد أشد الألم، وتشترك بعاطفة الأم في ذبيحته، وتعطي تقدمة الذبيح، المولود منها، رضى حبها، وكانت إرادة الآب الأزلي ليس فقط أن تُقدم مريم مع الذبيح البريء، وتُعلق على صليب المخلص بالمسامير نفسها، بل أن تشترك أيضاً وكلياً في السر الذي يتم بموته.

القديس يوحنا وحده يذكر وجود مريم عند الصليب (يوحنا 25:19)، وسائر الإنجيليين لم يذكروها بين جماعة النساء الحاضرات، لماذا؟.. لأنها لم تكن بين اللواتي "تبعن يسوع من الجليل، ليخدمنه" هو والاثني عشر (متى 55:27، مرقص 41:15، لوقا 49:23، 2:8-3). ولذا فلم تأتِ ببالهم ضرورة ذكرها بينهن على الجلجلة، غير أن غياب مريم عن الساحة أثناء حياة ابنها العلنية يبرر أهمية حضورها على الجلجلة، والقديس يوحنا وحده أدرك ذلك.
اجل كانت هناك "واقفة" وقفة الصلابة والشجاعة، غير محطمة بالألم، بل ثابتة في الإيمان المفعم بالرجاء، "كانت واقفة" لا ما "غابت عن حسها"، "كانت واقفة" والفعل اليوناني يوحي هنا بفكرة الحضور أكثر منه بفكرة الوقوف بحد ذاته.
كانت هناك لأنها أرادت أن تكون، وربما على الرغم من جهود الأقارب لإبعادها عن مشاهدة الصليب الرهيب، كانت هناك بإرادتها لتقف مع المخلص ابنها حتى النهاية، كان توما مستعداً أن "يموت معه" (يوحنا 16:11)، فهل تكون أمه اقل استعداداً منه؟.. حقاً إن حضورها لم يكن غريباً عن التدبير الإلهي.
لو لم تكن هناك، فإن شيئاً مهماً جداً كان قد ينقص في المسيحية، فلو لم تكن هناك، لو لم يقل المسيح ليوحنا "هذه أمك"، لكانت المسيحية باردة مثل كنيسة بلا قربان، يتيمة كئيبة مثل عائلة بلا أم، لو لم تكن هناك لما كانت عجائبها قد ملأت العالم، لكنها كانت هناك، ولذا فنحن نعرف أنها تحبنا، كانت هناك ولذا فنحن نحبها ونكرمها، هذا ما كان ينقص لو لم تكن هناك.
هل هي فادية مع الفادي؟..
إن مريم قد أعطت تقدمة الذبيح، المولود من لحمها، رضى حبها، الرضى في الإيمان والمحبة، هذا هو سر العمل المريمي، في البشارة، أعطت رضاها بحياة ابنها.. على الجلجلة أعطت رضاها بموت ابنها أيضاً لفداء العالم، هنا وهناك قالت للتدبير الإلهي بكامله دون شرط ولا عودة: "فليكن"، وان أردنا اختصار حياة مريم بكلمة قلنا إنها استمرار الـ"فليكن".

أعطت مريم سر الفداء "رضى حبها"، هل يعني ذلك أن رضاها هنا كان حاسماً مثل رضاها بالتجسد؟.. بكلام آخر: إن كان التجسد متعلقاً برضى مريم، هل كان الفداء أيضاً متعلقاً برضاها؟.. وقصارى القول: هل العذراء مريم فادية مع الفادي بالتساوي؟...
مَنْ يجيب "بنعم" فحسب، بدون دقة ولا توضيح، يرتكب خطأ فادحاً، إذ هو يجعل العذراء فادية بالصفة نفسها التي للمسيح.. لا، ليست العذراء فادية مع الفادي بالتساوي، فإنها هي نفسها قد افتُديَت مسبقاً، وان وضعها وأبعاد أفعالها قد تغيرت بين الناصرة والجلجلة، ففي الناصرة كانت تمثل وحدها البشرية، أما على الجلجلة فهو المسيح مَنْ يمثلها بالأولوية، ومريم بالدرجة الثانية في الارتباط مع المسيح والتبعية له، وان كان رضاها في الناصرة لا غنى عنه، فالأمر يختلف على الجلجلة، إنما كان ينبغي أن "تشترك" في العمل الفدائي بصفة مميزة ما دامت يوم البشارة قد اشتركت في سر التجسد فرضيت بالعمل الخلاصي كله.
فادية مع الفادي؟.. كلا، اقله بحصر المعنى، مشتركة؟.. نعم، وكيف، وبأية صفة؟.. يقول يوحنا فم الذهب: "غلب المسيح الشيطان بنفس الوسائل التي غلبنا بها، لقد حاربه بسلاحه، أي بعذراء وخشبة وموت، فالعذراء آنذاك كانت حواء عندما طغاها الشيطان، والخشبة كانت الشجرة، والموت كان العقاب المفروض على الإنسان، كذلك أيضاً فقد أصبحت أدوات انتصارنا عذراء وخشبة وموتاً، إذ حلت مريم محل حواء الأولى، وخشبة الصليب محل شجرة التفاح، وموت المسيح محل موت آدم". (صلاة المؤمن، جزء2، 736-737)، وعليه فكما انه كان لحواء الأولى دور في الانكسار، كذلك يكون لمريم الحواء الثانية دور في الانتصار. (تكوين 15:3).
اشتراك العضو المميز في الجسد السري:
يقول القديس بولس: "إني أتم ما ينقص في جسدي من شدائد المسيح، لأجل جسده الذي هو الكنيسة" (كولوسي 24:1)، يُسيء الفهم مَنْ يعتقد أن هناك نقصاً في شدائد المسيح نفسه وآلامه الفدائية والتكفيرية، إذ إن صليب المسيح لا ينقصه شيء بتاتاً، فإن كان من نق ففي جسده السري، الكنيسة، أي نحن.. هذا يؤكده توما الأكويني: "ما ينقص من آلام المسيح، أي من آلام الكنيسة كلها التي رأسها هو المسيح، إني اكلمه، أضيف إليه قدري، إذا تعذبتُ شخصياً، إذا عبرتُ الآلام التي تنقص جسدي، كان ينقص المسيح أن يتعذب في بولس، احد أعضائه، وفي سائر الأعضاء، كما كان قد تعذب في جسده هو"، ولقد أصاب باسكال عندما قال أن المسيح "في حال نزاع حتى انتهاء العالم".

فإن كان للمسيح أن يتعذب في بولس، أما كان له أن يتعذب أكثر فأكثر في مريم، ذلك العضو المميز في جسده السري؟.. وإن صح أن بولس "مصلوب مع المسيح" (غلاطية 19:2)، ألا يصح ذلك أكثر فأكثر بمريم أمه؟..
يقول القديس برنردس مخاطباً مريم: "لقد جاز حقاً سيف في قلبك، يا أمنا القديسة، هذا السيف على كل حال، ما كان ليطال جسد الابن لو لم يجز في نفس الأم، ومن المؤكد أن الحربة التي اخترقت جسمه بعد أن لفظ الروح لم تجز في نفسه هو.. أما في نفسك أنتِ، فبلى.. ولذا فنحن يسعنا أن نسميك شهيدة، وأكثر فإن اشتراكك في آلام ابنك يفوق بكثير شدة العذاب الجسدي في الاستشهاد".
لا بد لنا هنا من استطراد في موضوع الألم، والسؤال المطروح هو : إن كانت آلام المسيح هي وحدها فدائية، إن كانت هي وحدها ما يخصنا، فلماذا علينا أن "نحمل في الجسد كل حين موت المسيح؟.." كما يقول بولس الرسول، (2كورنثوس 10:4)، ذلك أنه.
أولاً، ينبغي لصليب المسيح أن يُعلن كما بالقول، ينبغي لنا أن نكون تبشيراً حياً بالرب يسوع المصلوب والقائم من بين الأموات، ينبغي أن نعيش ذلك بكل كياننا، روحاً وجسداً، فنحمل في أجسادنا "سِمات الرب يسوع" (غلاطية 17:6)، فنكون حقاً له لا لغيره.. وهكذا ندخل معه في ألفة خاصة (العذاب المشترك يقرِّب ويوحد)، ونتفهم في العمق سر التخلي عنه وسر موته، ونتحسس آلام الناس فنكون لهم أصدقاء ذوي شفقة ومؤاساة وعطف، وهكذا نكون تبشيراً حياً بصليب المسيح.
ثانياً، إن العذاب الذي نتحمله بروح مسيحية تشفعٌ هو بالبشر أجمعين، ذلك أننا جميعاً جسد واحد، وإذا بولس الرسول قد أجاز لنفسه أن يقول للكولوسيين انه: "يقاسي الآلام لأجلهم" (24:1)، في حين انه لم يبشرهم هو بل رفيقه ابفراس، ولم يكن قريباً منهم بل بعيداً جداً وفي الأسر، فإنما كان ذلك لإيمانه بعلاقة سرية تربط جميع مَنْ يؤمنون بالمسيح، وهم مندرجون في جسده، أي الكنيسة.
ثالثاً، يريد الله- بالعذاب الذي نتحمله عن رضى، والذي يكمّل فينا صورة المسيح المصلوب-أن يجعلنا شركاء في الفداء.

اختبرت مريم كل ذلك إلى حد فائق، لقد أتمت ما ينقص في جسدها من شداد المسيح، لأجل جسده الذي هو الكنيسة.. وارتسمت في قلبها سمات صليب المسيح.. ودخلت في ألفة المخلص، كما لا ولن يدخل احد.. وأدركت بطريقة فضلى عذاب البشر، فهي تستطيع أن تشفع فيهم بشفقة لا متناهية، فتستحق لهم العزاء والسلام..
يقول الأب لورنتين: "مريم، على الجلجلة، لا تقاسي عذاباً جسدياً، وهي ليست معلقة على صليب ابنها، وهي لا تقوم بعمل يُزاد من الخارج إلى عمل المسيح، إنها تقاسي عذاباته هو، حصتها؟.. التألم معه، والنفاذ المعنوي للسيف الذي تنبأ به سمعان الشيخ، آلامها؟.. انعكاس هي لآلام المسيح في مرآة نفسها الأمومية، وان ما في نيتها، انعكاس هو روحي لما في نية المسيح الفادي".
اشتراك أم الغادي:
إن ذاك المعلق على الصليب هو ابن مريم، إنه لها، نوماً ما، عند الصليب يقول الأب لورنتين: ما زال يحق لمريم أن تقول ما تقوله كل أم عن ابنها : "هذا لحمي ودمي"، ويحق لها أن تضيف قائلة ما تقوله كل أم متحدة في العمق بابنها : "ما لك هو لي.. وما لي هو لك.. عذابك عذابي.. عملك عملي.. والفداء الذي كنتَ تستحقه وحدك أردتَ أن يكون ذبيحتي أنا أيضاً".

حقاً، إن المسيح وحده فادي الجميع، ابتداءً بمريم المفتداة الأولى، المسيح وحده إله، وحده قد مات، وحده أتم الذبيحة بالقيامة والعودة إلى الآب، أما مريم فإنها تشترك في آلام الفادي بالتألم الذي أراد له الله ما أراد من قيمة.. مريم تستحق باسم الصداقة الفريدة مع الله، والاشتراك في التحقيق الأساسي لفداء استحقه المسيح باسم العدالة وعلى قدم المساواة مع الله.
إذاً، ليست مريم على مستوى المسيح الذي استحق الفداء، ولا هي على مستوانا نحن الذين يساهمون إلى حد ما في توزيع نعمة الفداء، بل هي على مستوى متوسط لا هو استحقاقي بكل معنى الكلمة، ولا هو توزيعي محض.
والحال، إن قابلنا بين لوقا (35:2-34) حيث سمعان الشيخ لا يوحي بآلام المسيح إلا من خلال تألم مريم، وبين سفر الرؤيا (12:2-5) حيث يوحنا الرسول، بدلاً من أن يصف مباشرة آلام المسيح، لا يصف إلا تألم أمه المعذبة بآلام المخاض، لاحظنا أن كل شيء يجري كما لو أن آلام المسيح وتألم مريم أمر واحد، حقاً، إن المسيح يبقى في كلا النصين هو مخلص البشرية الوحيد، غير أنه في النصين كليهما يُعتبر عذاب مريم غير منفصل عن عذابات المسيح الفدائية.
لهذا السبب، حق لبرنار برو أن يقول: "إن العذراء القديسة لم تتحد فقط باطنياً فقط باطنياً بيسوع المسيح.. لقد صارت "على صورته في الموت"، و"عُلقت معه على الصليب"، نوعاً ما – (فيليبي 10:3، وغلاطية 19:2) - .. كانت هناك واقفة، مشتركة في كل شيء، متحملة كل شيء، معه.. كانت هناك واقفة، مشتركة في كل شيء، متحملة كل شيء، معه.. إنها تحس وتحقق في ذاتها سر يسوع، إلى حد من العمق والألفة لا ولن يبلغه غيرها، ذلك أنها أمه وهي بهذه الصفة مرتبطة به بامتيازات فريدة، من حيث الكيان والنعمة.
اشتراك مريم في سر الفداء، واضح في التعبير الأيقوني البيزنطي:
الأيقونوغرافية البيزنطية تمثل تماماً العذراء مريم مشتركة مع ابنها في عمله الفدائي، هكذا:

في أيقونة البشارة، نراها واقفة عند شجرة الحياة الفردوسية كما ستقف عند خشبة الصليب، وإن هي مًثِّلت وهي تنسج ستار قدس الأقداس، فإن ذلك إشارة إلى حجاب الهيكل الذي انشق اثنين ساعة موت المسيح..
وفي أيقونة الميلاد، نراها متمددة أمام مغارة تشبه القبر، وفيها الطفل ملفوف بأقماط تشبه لفائف أكفان الموتى وموضوع في مذود يشبه القبر..
وفي أيقونة الصلب، نراها تمسح دموعها باليد اليسرى وتدل على ابنها باليد اليمنى، إنها أوجاع الولادة الروحية للبشرية المتمثلة في يوحنا الحبيب..
وفي أيقونة احتضانها للمسيح بعد إنزاله عن الصليب، نراها باسطة ذراعيها كما لو أنها قد صُلبت معه، هذا وان تقاسيم جسدها تبدو وكأنها بشكل كأس الخلاص..
وفي أيقونة الدفن نراها تلف بيديها جثمان ابنها بالكفن، كما لفته بالأقماط يوم الميلاد..
وفي أيقونة الصعود نراها تتوسط الرسل واقفة وقفة الصلاة، كما لو أنها تحمل رجاء الكنيسة كلها..
وفي أيقونة "سيدة الأمم" المعروفة في لبنان باسم "سيدة المعونة الدائمة"، نرى في الأعلى الملاك روفائيل وهو يحمل الصليب، والملاك جبرائيل وهو يحمل الحربة وإسفنجة الخل المعلقة في رأس قصبة، ينظر الطفل الإلهي إلى صليبه وعلى وجهه دلائل الخوف، يلف رجلاً على رجل فيسقط النعل من رجله لشدة الخوف، فيضغط بيديه الصغيرتين على يد أمه اليمنى، أما هي فإنها تنظر إلى الأمام متأملة كما لو أنها تستذكر نبوءة سمعان الشيخ.
التوقيع:

رد مع اقتباس
قديم 12-12-2010, 07:08 PM   رقم المشاركة : [2]
عضو مبارك
 
افتراضي العذراء مريم وسر الفداء...............

[QUOTE=نصيف خلف قديس;74793]
العذراء مريم وسر الفداء..........


الأب جميل نعمة الله السقلاوي اللعازري
نبوءة سمعان الشيخ:
أؤمن بأن مريم قد اشتركت مع ابنها المسيح إلى حد كبر في سر الفداء، فقد جاء في إنجيل لوقا: "ولما تمت الأيام لتطهيرها بحسب ناموس موسى، صعدا إلى أورشليم ليقدماه للرب، على حسب ما هو مكتوب أن كل ذكر بكر يكون قدوسأ للرب...وكان في أورشليم رجل اسمه سمعان، وكان هذا الرجل صدّيقاً تقياً قد أوحى إليه الروح القدس أنه لن يرى الموت إلى أن يعاين مسيح الرب، فأقبل إلى الهيكل بقوة الروح، وأخذ الطفل على ذراعيه وبارك الله وقال: "الآن أطلق عبدك أيها السيد....لأن عينيَّ قد أبصرتا خلاصك الذي أعددته أمام كل الشعوب، نوراً لاستعلان الأمم، ومجداً لشعبك" (لوقا 22:-32).

ثم تنبأ وقال لمريم، كاشفاً لها عن مصير ابنها ومصيرها هي المأساوي: "ها إن هذا الطفل قد جُعل لسقوط كثيرين وقيان كثيرين في إسرائيل، وهدفاً للمخالفة، وأنتِ سيجوز سيف في نفسك، لكي تنكشف الأفكار من قلوب كثيرة". (لوقا 34:2-35).
يتضح من هذه النبوة إن مأساة تآمرية سوف تٌدبر ليسوع، فيختلف البشر عليه حتى الرفض، ومريم ستكون مشتركة في تلك المأساة حتى العذاب المرير.
ما يلفت النظر في هذه النبوة هو أن النص مثقل لغوياً بكلام يقطع ويعطل سياق الجملة،كان منتظراً ومنطقياً وأصح لغوياً، بعد التنبؤ عن مصير الولد "جُعل هدفاً للمخالفة" أن يتابع سمعان القول ويقول: "...لكي تنكشف الأفكار من قلوب كثيرة". لكنه يُدخل، بطريقة غير منتظرة، التنبؤ عن السيف، بين هذا الكلام الأخير وما سبقه (قد جُعل هدفاً للمخالفة، وأنتِ أيضاً سيجوز سيف في نفسك، لكي تنكشف الأفكار، إلخ...
هذا يعني انه كان في نيته إبراز التنبؤ عن السيف وإعطاؤه أهمية كبرى في المأساة، وما عدا ذلك، فإن هذه الأهمية تظهر في كون سمعان المتحدث إلى مريم، بدلاً من أن يكتفي بالقول: "ويجوز سيف في نفسك"، يقول: "وأنتِ أيضاً سيجوز سيف في نفسك"، كما لو انه أراد أن يشدد على كون الولد لن يكون وحده معنياً بتلك المأساة، بل هي أيضاً ستكون منغمسة شخصياً في المأساة المشيخية.
هذا الانغماس سيكون لها اجتيازاً لنفسها، لصميم كيانها، بسيف حاد ورهيب، فالكلمة اليونانية تعني سيفاً كبيراً جداً ورهيباً، الأمر الذي يوحي بأن ألماً كبيراً سوف يجتاز نفس مريم من جانب إلى جانب، الصورة هذه قاسية جداً وعنيفة: فالأمر ليس مسألة مشقة عاطفية عابرة أو سطحية، بل مسألة ألم حاد للغاية يخترق حتى أعماق الكيان، وينفذ "حتى مفرق النفس والروح، والأوصال والأمخاخ"، كما يقول الرسول بولس في مجال آخر (عبرانيين 12:4)، كان ينبغي لـ "عبد الله" أن "يُشدَخ" في جسمه (أشعياء 5:53)، كذلك ينبغي لـ "أمَة الله" أن "تُشدَخ" في نفسها.
يقول ماكس توريان: "مريم هي في ذلك مثال الكنيسة"، مثال جماعة المؤمنين الذين يُمتحنون في قضايا إيمانهم ووعود رجائهم، بالعذاب والشدائد وحقد البشر... يعيش المسيحي هذا الصراع، بين المسيح الذي يحبه في الإيمان، وبين الشدائد الدنيوية التي تنال منه في جسده، أمامريم فإنها تعيش هذا الصراع بين المسيح الذي تحبه – في الإيمان بصفتها مؤمنة، وفي الجسد بصفتها أماً بشرية – وبين الشدائد العالمية التي ستنال من ابنها حتى عذاب الصليب، فهي بذلك الصورة الحقيقية للكنيسة، لكنها سوف تتعذب أكثر من كل مسيحي، طالما أن موضوع إيمانها المستهدف باضطهاد العالم، هو نفسه الابن الذي ولدته والذي تحبه كأم بشرية، سيف مريم هو صليب المسيح المغروز في قلبها الوالدي، هي التي كان لها من الرب أروع الوعود..
"وهي لن تجوز، منتصرة، تلك المحنة الأليمة، محنة السيف...، إلا بارتضائها الصليب في حياة ابنها – وان يكن ابن الله – وفي حياتها هي، حياة المؤمنة وحياة الأم".
فادية مع الفادي؟..
لقد سارت العذراء على طريق الإيمان وهي محافظة على الاتحاد بابنها حتى الصليب حيث بتدبير لم يكن غريباً عن التدبير الإلهي، كانت واقفة قرب الصليب وهي تتألم مع ابنها الوحيد أشد الألم، وتشترك بعاطفة الأم في ذبيحته، وتعطي تقدمة الذبيح، المولود منها، رضى حبها، وكانت إرادة الآب الأزلي ليس فقط أن تُقدم مريم مع الذبيح البريء، وتُعلق على صليب المخلص بالمسامير نفسها، بل أن تشترك أيضاً وكلياً في السر الذي يتم بموته.

القديس يوحنا وحده يذكر وجودمريم عند الصليب (يوحنا 25:19)، وسائر الإنجيليين لم يذكروها بين جماعة النساء الحاضرات، لماذا؟.. لأنها لم تكن بين اللواتي "تبعن يسوع من الجليل، ليخدمنه" هو والاثني عشر (متى 55:27، مرقص 41:15، لوقا 49:23، 2:8-3). ولذا فلم تأتِ ببالهم ضرورة ذكرها بينهن على الجلجلة، غير أن غياب مريم عن الساحة أثناء حياة ابنها العلنية يبرر أهمية حضورها على الجلجلة، والقديس يوحنا وحده أدرك ذلك.
اجل كانت هناك "واقفة" وقفة الصلابة والشجاعة، غير محطمة بالألم، بل ثابتة في الإيمان المفعم بالرجاء، "كانت واقفة" لا ما "غابت عن حسها"، "كانت واقفة" والفعل اليوناني يوحي هنا بفكرة الحضور أكثر منه بفكرة الوقوف بحد ذاته.
كانت هناك لأنها أرادت أن تكون، وربما على الرغم من جهود الأقارب لإبعادها عن مشاهدة الصليب الرهيب، كانت هناك بإرادتها لتقف مع المخلص ابنها حتى النهاية، كان توما مستعداً أن "يموت معه" (يوحنا 16:11)، فهل تكون أمه اقل استعداداً منه؟.. حقاً إن حضورها لم يكن غريباً عن التدبير الإلهي.
لو لم تكن هناك، فإن شيئاً مهماً جداً كان قد ينقص في المسيحية، فلو لم تكن هناك، لو لم يقل المسيح ليوحنا "هذه أمك"، لكانت المسيحية باردة مثل كنيسة بلا قربان، يتيمة كئيبة مثل عائلة بلا أم، لو لم تكن هناك لما كانت عجائبها قد ملأت العالم، لكنها كانت هناك، ولذا فنحن نعرف أنها تحبنا، كانت هناك ولذا فنحن نحبها ونكرمها، هذا ما كان ينقص لو لم تكن هناك.
هل هي فادية مع الفادي؟..
إن مريم قد أعطت تقدمة الذبيح، المولود من لحمها، رضى حبها، الرضى في الإيمان والمحبة، هذا هو سر العمل المريمي، في البشارة، أعطت رضاها بحياة ابنها.. على الجلجلة أعطت رضاها بموت ابنها أيضاً لفداء العالم، هنا وهناك قالت للتدبير الإلهي بكامله دون شرط ولا عودة: "فليكن"، وان أردنا اختصار حياة مريم بكلمة قلنا إنها استمرار الـ"فليكن".

أعطتمريم سر الفداء "رضى حبها"، هل يعني ذلك أن رضاها هنا كان حاسماً مثل رضاها بالتجسد؟.. بكلام آخر: إن كان التجسد متعلقاً برضى مريم، هل كان الفداء أيضاً متعلقاً برضاها؟.. وقصارى القول: هل العذراء مريم فادية مع الفادي بالتساوي؟...
مَنْ يجيب "بنعم" فحسب، بدون دقة ولا توضيح، يرتكب خطأ فادحاً، إذ هو يجعل فادية بالصفة نفسها التي للمسيح.. لا، ليست العذراء فادية مع الفادي بالتساوي، فإنها هي نفسها قد افتُديَت مسبقاً، وان وضعها وأبعاد أفعالها قد تغيرت بين الناصرة والجلجلة، ففي الناصرة كانت تمثل وحدها البشرية، أما على الجلجلة فهو المسيح مَنْ يمثلها بالأولوية، ومريم بالدرجة الثانية في الارتباط مع المسيح والتبعية له، وان كان رضاها في الناصرة لا غنى عنه، فالأمر يختلف على الجلجلة، إنما كان ينبغي أن "تشترك" في العمل الفدائي بصفة مميزة ما دامت يوم البشارة قد اشتركت في سر التجسد فرضيت بالعمل الخلاصي كله.
فادية مع الفادي؟.. كلا، اقله بحصر المعنى، مشتركة؟.. نعم، وكيف، وبأية صفة؟.. العذراءيقول يوحنا فم الذهب: "غلب المسيح الشيطان بنفس الوسائل التي غلبنا بها، لقد حاربه بسلاحه، أي بعذراء وخشبة وموت، فالعذراء آنذاك كانت حواء عندما طغاها الشيطان، والخشبة كانت الشجرة، والموت كان العقاب المفروض على الإنسان، كذلك أيضاً فقد أصبحت أدوات انتصارنا عذراء وخشبة وموتاً، إذ حلت مريم محل حواء الأولى، وخشبة الصليب محل شجرة التفاح، وموت المسيح محل موت آدم". (صلاة المؤمن، جزء2، 736-737)، وعليه فكما انه كان لحواء الأولى دور في الانكسار، كذلك يكون لمريم الحواء الثانية دور في الانتصار. (تكوين 15:3).
اشتراك العضو المميز في الجسد السري:
يقول القديس بولس: "إني أتم ما ينقص في جسدي من شدائد المسيح، لأجل جسده الذي هو الكنيسة" (كولوسي 24:1)، يُسيء الفهم مَنْ يعتقد أن هناك نقصاً في شدائد المسيح نفسه وآلامه الفدائية والتكفيرية، إذ إن صليب المسيح لا ينقصه شيء بتاتاً، فإن كان من نق ففي جسده السري، الكنيسة، أي نحن.. هذا يؤكده توما الأكويني: "ما ينقص من آلام المسيح، أي من آلام الكنيسة كلها التي رأسها هو المسيح، إني اكلمه، أضيف إليه قدري، إذا تعذبتُ شخصياً، إذا عبرتُ الآلام التي تنقص جسدي، كان ينقص المسيح أن يتعذب في بولس، احد أعضائه، وفي سائر الأعضاء، كما كان قد تعذب في جسده هو"، ولقد أصاب باسكال عندما قال أن المسيح "في حال نزاع حتى انتهاء العالم".

فإن كان للمسيح أن يتعذب في بولس، أما كان له أن يتعذب أكثر فأكثر في مريم، ذلك العضو المميز في جسده السري؟.. وإن صح أن بولس "مصلوب مع المسيح" (غلاطية 19:2)، ألا يصح ذلك أكثر فأكثر بمريم أمه؟..
يقول القديس برنردس مخاطباً مريم: "لقد جاز حقاً سيف في قلبك، يا أمنا القديسة، هذا السيف على كل حال، ما كان ليطال جسد الابن لو لم يجز في نفس الأم، ومن المؤكد أن الحربة التي اخترقت جسمه بعد أن لفظ الروح لم تجز في نفسه هو.. أما في نفسك أنتِ، فبلى.. ولذا فنحن يسعنا أن نسميك شهيدة، وأكثر فإن اشتراكك في آلام ابنك يفوق بكثير شدة العذاب الجسدي في الاستشهاد".
لا بد لنا هنا من استطراد في موضوع الألم، والسؤال المطروح هو : إن كانت آلام المسيح هي وحدها فدائية، إن كانت هي وحدها ما يخصنا، فلماذا علينا أن "نحمل في الجسد كل حين موت المسيح؟.." كما يقول بولس الرسول، (2كورنثوس 10:4)، ذلك أنه.
أولاً، ينبغي لصليب المسيح أن يُعلن كما بالقول، ينبغي لنا أن نكون تبشيراً حياً بالرب يسوع المصلوب والقائم من بين الأموات، ينبغي أن نعيش ذلك بكل كياننا، روحاً وجسداً، فنحمل في أجسادنا "سِمات الرب يسوع" (غلاطية 17:6)، فنكون حقاً له لا لغيره.. وهكذا ندخل معه في ألفة خاصة (العذاب المشترك يقرِّب ويوحد)، ونتفهم في العمق سر التخلي عنه وسر موته، ونتحسس آلام الناس فنكون لهم أصدقاء ذوي شفقة ومؤاساة وعطف، وهكذا نكون تبشيراً حياً بصليب المسيح.
ثانياً، إن العذاب الذي نتحمله بروح مسيحية تشفعٌ هو بالبشر أجمعين، ذلك أننا جميعاً جسد واحد، وإذا بولس الرسول قد أجاز لنفسه أن يقول للكولوسيين انه: "يقاسي الآلام لأجلهم" (24:1)، في حين انه لم يبشرهم هو بل رفيقه ابفراس، ولم يكن قريباً منهم بل بعيداً جداً وفي الأسر، فإنما كان ذلك لإيمانه بعلاقة سرية تربط جميع مَنْ يؤمنون بالمسيح، وهم مندرجون في جسده، أي الكنيسة.
ثالثاً، يريد الله- بالعذاب الذي نتحمله عن رضى، والذي يكمّل فينا صورة المسيح المصلوب-أن يجعلنا شركاء في الفداء.

اختبرت مريم كل ذلك إلى حد فائق، لقد أتمت ما ينقص في جسدها من شداد المسيح، لأجل جسده الذي هو الكنيسة.. وارتسمت في قلبها سمات صليب المسيح.. ودخلت في ألفة المخلص، كما لا ولن يدخل احد.. وأدركت بطريقة فضلى عذاب البشر، فهي تستطيع أن تشفع فيهم بشفقة لا متناهية، فتستحق لهم العزاء والسلام..
يقول الأب لورنتين: "مريم، على الجلجلة، لا تقاسي عذاباً جسدياً، وهي ليست معلقة على صليب ابنها، وهي لا تقوم بعمل يُزاد من الخارج إلى عمل المسيح، إنها تقاسي عذاباته هو، حصتها؟.. التألم معه، والنفاذ المعنوي للسيف الذي تنبأ به سمعان الشيخ، آلامها؟.. انعكاس هي لآلام المسيح في مرآة نفسها الأمومية، وان ما في نيتها، انعكاس هو روحي لما في نية المسيح الفادي".
اشتراك أم الغادي:
إن ذاك المعلق على الصليب هو ابن مريم، إنه لها، نوماً ما، عند الصليب يقول الأب لورنتين: ما زال يحق لمريم أن تقول ما تقوله كل أم عن ابنها : "هذا لحمي ودمي"، ويحق لها أن تضيف قائلة ما تقوله كل أم متحدة في العمق بابنها : "ما لك هو لي.. وما لي هو لك.. عذابك عذابي.. عملك عملي.. والفداء الذي كنتَ تستحقه وحدك أردتَ أن يكون ذبيحتي أنا أيضاً".

حقاً، إن المسيح وحده فادي الجميع، ابتداءً بمريم المفتداة الأولى، المسيح وحده إله، وحده قد مات، وحده أتم الذبيحة بالقيامة والعودة إلى الآب، أما مريم فإنها تشترك في آلام الفادي بالتألم الذي أراد له الله ما أراد من قيمة.. مريم تستحق باسم الصداقة الفريدة مع الله، والاشتراك في التحقيق الأساسي لفداء استحقه المسيح باسم العدالة وعلى قدم المساواة مع الله.
إذاً، ليست مريم على مستوى المسيح الذي استحق الفداء، ولا هي على مستوانا نحن الذين يساهمون إلى حد ما في توزيع نعمة الفداء، بل هي على مستوى متوسط لا هو استحقاقي بكل معنى الكلمة، ولا هو توزيعي محض.
والحال، إن قابلنا بين لوقا (35:2-34) حيث سمعان الشيخ لا يوحي بآلام المسيح إلا من خلال تألم مريم، وبين سفر الرؤيا (12:2-5) حيث يوحنا الرسول، بدلاً من أن يصف مباشرة آلام المسيح، لا يصف إلا تألم أمه المعذبة بآلام المخاض، لاحظنا أن كل شيء يجري كما لو أن آلام المسيح وتألم مريم أمر واحد، حقاً، إن المسيح يبقى في كلا النصين هو مخلص البشرية الوحيد، غير أنه في النصين كليهما يُعتبر عذاب مريم غير منفصل عن عذابات المسيح الفدائية.
لهذا السبب، حق لبرنار برو أن يقول: "إن العذراء القديسة لم تتحد فقط باطنياً فقط باطنياً بيسوع المسيح.. لقد صارت "على صورته في الموت"، و"عُلقت معه على الصليب"، نوعاً ما – (فيليبي 10:3، وغلاطية 19:2) - .. كانت هناك واقفة، مشتركة في كل شيء، متحملة كل شيء، معه.. كانت هناك واقفة، مشتركة في كل شيء، متحملة كل شيء، معه.. إنها تحس وتحقق في ذاتها سر يسوع، إلى حد من العمق والألفة لا ولن يبلغه غيرها، ذلك أنها أمه وهي بهذه الصفة مرتبطة به بامتيازات فريدة، من حيث الكيان والنعمة.
اشتراك مريم في سر الفداء، واضح في التعبير الأيقوني البيزنطي:
الأيقونوغرافية البيزنطية تمثل تماماًالعذراءمريم مشتركة مع ابنها في عمله الفدائي، هكذا:

في أيقونة البشارة، نراها واقفة عند شجرة الحياة الفردوسية كما ستقف عند خشبة الصليب، وإن هي مًثِّلت وهي تنسج ستار قدس الأقداس، فإن ذلك إشارة إلى حجاب الهيكل الذي انشق اثنين ساعة موت المسيح..
وفي أيقونة الميلاد، نراها متمددة أمام مغارة تشبه القبر، وفيها الطفل ملفوف بأقماط تشبه لفائف أكفان الموتى وموضوع في مذود يشبه القبر..
وفي أيقونة الصلب، نراها تمسح دموعها باليد اليسرى وتدل على ابنها باليد اليمنى، إنها أوجاع الولادة الروحية للبشرية المتمثلة في يوحنا الحبيب..
وفي أيقونة احتضانها للمسيح بعد إنزاله عن الصليب، نراها باسطة ذراعيها كما لو أنها قد صُلبت معه، هذا وان تقاسيم جسدها تبدو وكأنها بشكل كأس الخلاص..
وفي أيقونة الدفن نراها تلف بيديها جثمان ابنها بالكفن، كما لفته بالأقماط يوم الميلاد..
وفي أيقونة الصعود نراها تتوسط الرسل واقفة وقفة الصلاة، كما لو أنها تحمل رجاء الكنيسة كلها..
وفي أيقونة "سيدة الأمم" المعروفة في لبنان باسم "سيدة المعونة الدائمة"، نرى في الأعلى الملاك روفائيل وهو يحمل الصليب، والملاك جبرائيل وهو يحمل الحربة وإسفنجة الخل المعلقة في رأس قصبة، ينظر الطفل الإلهي إلى صليبه وعلى وجهه دلائل الخوف، يلف رجلاً على رجل فيسقط النعل من رجله لشدة الخوف، فيضغط بيديه الصغيرتين على يد أمه اليمنى، أما هي فإنها تنظر إلى الأمام متأملة كما لو أنها تستذكر نبوءة سمعان الشيخ.
م ن ق وووووووووووووووووووووووووووووووو ل

بركة وشفاعة ام النور معنا امين
QUOTE]


التوقيع:

نصيف خلف قديس غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-13-2010, 02:19 PM   رقم المشاركة : [3]
مشرف منتدى الملاك ميخائيل

الصورة الرمزية Misho Fayez
 
افتراضي

موضوع جميل جدا بركة ست الكل العدرا تكون معاك وتباركك


التوقيع:



Misho Fayez غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-13-2010, 11:59 PM   رقم المشاركة : [4]
مراقب عام و مشرفة منتدى الشباب والشبات
الصورة الرمزية jesus's girl
 
افتراضي

موضوع اكثر من رائع ربنا يعوض تعب محبتك ويبارك في خدمتك


التوقيع:





jesus's girl غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-27-2010, 06:49 PM   رقم المشاركة : [5]
عضو مبارك
 
افتراضي شكرااااااااا

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة misho fayez مشاهدة المشاركة
موضوع جميل جدا بركة ست الكل العدرا تكون معاك وتباركك
شكرااا

لمرورك وردك الجميل

ربنا يبارك حياتك وخدمتك


التوقيع:

نصيف خلف قديس غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-27-2010, 06:50 PM   رقم المشاركة : [6]
عضو مبارك
 
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة jesus's girl مشاهدة المشاركة
موضوع اكثر من رائع ربنا يعوض تعب محبتك ويبارك في خدمتك
شكرااا

لمرورك وردك الجميل

ربنا يبارك حياتك وخدمتك


التوقيع:

نصيف خلف قديس غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مريم, العذراء, الفداء........


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
عظمة العذراء مريم المصرى الأصيل منتدى السيده العذراء مريم 0 08-14-2011 07:42 PM
أسئلة عن مريم العذراء بنت الست العدرا منتدى السيده العذراء مريم 0 08-11-2011 02:21 AM
العذراء مريم من هي ؟ jesus's girl منتدى السيده العذراء مريم 7 08-03-2010 12:29 AM
صور العذراء مريم reree منتدى الصور المتحركه 6 06-15-2009 01:19 PM
†††يا مريم العذراء الطوباوية††† ramy منتدى السيده العذراء مريم 1 11-30-2008 01:08 AM


الساعة الآن 11:30 AM


† هدف خدمتنا: "‎ذوقوا وانظروا ما أطيب الرب‎" مزمور 34 : 8 †
† مبدأ خدمتنا: "ملعون من يعمل عمل الرب برخاء‎" ارميا 48 : 10 †
† شعار خدمتنا: "ليس لنا يا رب ليس لنا لكن لاسمك أعط مجدا‎" مزمور 115 : 1 †