لم تكن خائنا يا هيدينك !

لم تكن خائنا يا هيدينك !

عندما تصل بمنتخب بالنمر الكوري الجنوبي المغمور إلى نصف نهائي كأس العالم 2002.. وعندما يرهق الكنغارو الأسترالي الأتزوري الإيطالي قبل تحقيق الأخير الفوز في دور ال 16 في المونديال الألماني .. وعندما يتأرجح الدب الروسي فوق الطواحين الهولندية ويصل نصف نهائي يورو 2008 .. وعندما وعندما وعندما .. فأنت بالتأكيد جوس هيدينك .

عندما قال الهولندي هيدينك بأنه سيكون أكبر خائن لهولندا لم يقل ذلك من فراغ . وبالتأكيد فإن لذلك التصريح وقعه على لاعبيه ولاعبي الطواحين الهولندية . فبهذه العبارة تأكد كل روسي بأن الهولندي الماكر لن يكون حملا وديعا أمام منتخب بلاده وبأنه سيبذل قصارى جهده لتحقيق الفوز الذي ينظر له بأنه مفاجأة البطولة الكبرى حتى هذه اللحظة ! في المقابل فإن كل هولندي سيعتريه الرعب جراء تلك الكلمات التي ستجعل كل لاعب في كتيبة فان باستن يشعر بأنه سيواجه منتخبا يقوده مدير فني لا يعرف إلا الجد في أدائه لعمله . نعم هذا هو جوس هيدينك الذي سطر أروع الملاحم الكروية .

رغم الحزن الذي سيسيطر على كل هولندي محب لهولندا ورغم الخسارة المذلة إلا أن على كل هولندي أن يرفع لك قبعته لأنك لم تكن خائنا ولكنك رفعت اسم هولندا بما قدمه لاعبوك من أداء يستحق الاحترام . كيف لا والفوز كان مستحقا لعبا ونتيجة ! ولولا سوء الحظ الذي خيم على أداء المهاجمين الروس وتألق الحارس العملاق فان دير سار الذي تصدى لكفافة الصواريخ الروسية بعيدة المدى لكانت النتيجة كارثية !.

إن كان غير مرغوب بك في هولندا فإننا جميعا نرغب بأن نشاهدك تقود أعتى الفرق والمنتخبات وتمتعنا بحنكتك في قيادتك لأي فريق تدربه ! فلم يأت الفوز من فراغ ولم تسرقه من أحد ولكنك أخذته بكل تفان وأنت تواجه منتخب بلادك .. عرفت مكامن قوة كل لاعب من اللاعبين الروس واستخدمتها بكل ذكاء وكان أداء الدب الروسي سهلا ممتنعا . فعلا هذه هي كرة القدم الحقيقية . فلم يكن الفوز على حساب منتخب عادي أو مغمور ولكنه جاء على حساب المرشح الأقوى للفوز باللقب بعد دور أول مثير . وما قلته وأقوله دوما أن مرحلة المجموعات ليست إلا مرحلة جس نبض وما بعدها هو المحك الحقيقي . فلا تهاون في مباريات خروج المغلوب .

لعل أبرز ما خرجنا به حتى اللحظة من البطولة هو أن الهولنديين أثبتوا بأنهم أصحاب أخلاق في عملهم وأنهم مثال للمنتمين الحقيقين لمنتخباتهم فها هو فان باستن أثبت للجميع بأن الأخلاق قبل كل شيء وبأنه لا تهاون في أي مواجهة حتى وإن كانت المواجهة مجرد لقاء "تحصيل حاصل " فالفوز على الرومانيين ساهم في الإبقاء على بطل تفرح لوجوده واستمراره في بطولة بحجم بطولة الأمم الأوروبية . أما هدينك فقد تحدى نفسه قبل أن يتحدى أي هولندي وكان له ما أراد لأنه أخلص في عمله ولم يتهاون !

أرجوكم يا هولنديين لا تقسوا على ابنكم هيدينك وارأفوا به وما عليكم إلا أن تحييوه تحية الرجال لأنه كان رجلا بكل ما تحتويه الكلمة من معنى . فهل كنتم تتوقعون منه ان يتهاون أو "يبيع" مباراة ذرف عرقا في ليصل إليها ؟!

على الهامش :

• في حال فازت إيطاليا على إسبانيا فإننا سنرى أربعة منتخبات حلت في المركز الثاني في مرحلة المجمهوعات ضمن الدور نصف النهائي وهي : ألمانيا وتركيا وروسيا وإيطاليا .

•المنتخبات التي لعبت بفريقها الثاني في الجولة الأخيرة من مرحلة المجموعات كلها ودعت حتى ما قبل لقاء إسبانيا وإيطاليا . فهل سيلحق بهم المنتخب الإسباني ؟!

مرسى يا the mattador

شكرا يا ماتادور